HOME


من هم المؤرخون المراجعون
ولماذا يجب أن تعنينا "المحرقة" اليهودية

د. إبراهيم ناجي علوش

محتويات الكراس


ملخص عن ورقة روبرت فوريسون
لمؤتمر بيروت "المراجعة التاريخية والصهيونية" 31/4/2001

تلخيص وترجمة د. إبراهيم علوش

إلى قادة الدول العربية: كفوا عن الصمت إزاء زيف "المحرقة".

1- الخطاب موجه للقادة، وليس للمثقفين والأكاديميين أو الصحافيين.

2- كلمة "المحرقة" يجب أن توضع دائماً بين مزدوجين وهي تشير لأسطورة ثلاثية:

أ ) الإبادة المزعومة لليهود.

ب) غرف الغاز النازية المزعومة. 

ج) الملايين الستة من الضحايا اليهود المزعومين في الحرب العالمية الثانية.

خلال التاريخ عرفت الإنسانية مائة محرقة حافلة بخسائر رهيبة بالأرواح وكوارث دموية، ولكن معاصرينا تعودوا أن يتذكروا واحدة فقط: محرقة اليهود، حتى أصبحت كلمة "المحرقة" تخص اليهود فقط، دونما حاجة إلى القول: محرقة اليهود. ولم تؤدي أية محرقة سابقة إلى دفع تعويضات مادية تشبه تلك التي طلبها ونالها اليهود لقاء كارثة "الشواة" التي يصفونها بأنها فريدة من نوعها وغير مسبوقة وهو الأمر الذي كان يمكن أن يكون صحيحاً لو كانت عناصرها الثلاثة (الإبادة، غرف الغازوالستة ملايين ضحية) حقيقية. وإذا كان ملايين اليهود الأوروبيين قد عانوا وماتوا خلال الحرب المذكورة، دون أن تصل تلك المعاناة إلى ما يعنيه يهود اليوم بتعبير "محرقة"، فإن العديد من الشعوب والمجتمعات، وبالتحديد الألمان واليابانيين والروس والصينيين، عانت في الواقع مصيراً أسوأ بكثير من ذاك الذي عاناه اليهود. فلنفكر هنا فقط بالعواصف النارية الفوسفورية والذرية التي لاقى فيها على الأقل مليون ألماني وياباني موتاً فظيعاً (دون ذكر الجرحى والمشوهين). كما أن من المناسب أن نذكر هنا أن ملايين اليهود الأوروبيين عاشوا بعد هذه السياسة المزعومة لتصفيتهم جسدياً ليذهبوا للتمتع بعد الحرب بنفوذ ورفاهية لا مثيل لهما في كل تاريخهم. ولكن تمييز "المحرقة" المزعومة، كما يجري الآن، يتم من خلال تضخيم المعاناة اليهودية في النوعية والكمية بدون أي حدود، وبتقليل معاناة الآخرين بالتناسب مع ذلك بحيث لا تعطى معاناتهم مجرد اسم.

3- إنّ كلمة Imposture الإنجليزية، [أي الزيف، الدجل، الانتحال] تعني الكذبة المفروضة Imposed Lie والمسألة هنا تتعلق بكذبة تاريخية صاغها كذابون وصائغو قصص غريبة، ثم تبناها عدد متزايد من الناس الذين روجوها بحسن أو سوء نية. لدينا إذن عدد صغير من الكذابين ووفرة من المروجين.

4- إن نقيض كذبة كهذه، ملفقةً كانت أم مروجة، هو الحقيقة الواقعية. بيد أن كلمة "حقيقة" أصبحت غامضة ومستهلكة، لذلك أفضل عليها كلمة "دقة".

إن المراجعة هي محاولة لتفحص وتصحيح ما هو مقبول عامةً بغرض التثبت بدقة من طبيعة شيء أو حقيقة واقعة أو قيمة رقم أو أصالة ومصداقية وأهمية نص أو وثيقة.

5- الصهيونية إيديولوجية أما المراجعة فهي طريقة. وكمراجع، فإنني سأقيم الصهيونية نفسها على مشارف القرن الحادي والعشرين بدرجة أقل من تقيمي للفائدة التي تجنيها الصهيونية من زيف "المحرقة".

فإذا قرر قادة الدول الإسلامية أن يتخلوا عن صمتهم إزاء هذا الزيف، وإذا تحدوا من جراء قيامهم بذلك اللوبي اليهودي والصهيوني، فإنهم سيحتاجون بالتأكيد آنذاك أن يقوموا أولاً بتقييم خصمهم تقييماً صحيحاً، وأن يقوموا تالياً بتحديد الاستراتيجية الواجب اتباعها إزاءه، وان يقوموا أخيراً بتحديد المنطقة المحددة التي يتوجب أن يسددوا ضرباتهم إليها. ولبحث هذه النقاط الثلاث، فإنني سأقوم بتقسيم هذه الورقة إلى ثلاثة أجزاء.

في الجزء الأول من الورقة، ومن أجل تجنب أي أخطاء حول هوية الخصم وللتأكد من تقدير حجمه بشكل صحيح، فإني سأفسر ما يشكل برأيي نقاط الضعف الظاهرية لليهود والصهاينة، ثم سأفسر نقاط ضعفهم الحقيقية. 

في الجزء الثاني من الورقة المتعلق بالاستراتيجية الواجب اتباعها إزاء الخصم، فأني سألخص استنتاجات معينة توصلت إليها، خلال زيارتي إلى طهران في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2000، بصحبة ممثلين لمركز الدراسات الاستراتيجية في جمهورية إيران الإسلامية. 

أخيراً، في الجزء الثالث من الورقة، سوف أحدد الهدف الدقيق الواجب ضربه وهو: "غرفة الغاز النازية السحرية"، كما وصفها لويس – فرديناند سالين.

الجزء الأول: الخصم اليهودي والصهيوني


إن الخصم المخادع قد يبدي مخاوف لا يشعر بها فعلاً، وقد يظهر على مرأى الجميع نقاط ضعف معينة ليست في الواقع نقاط ضعف، وسيحاول أن يخفي ما يثير قلقه فعلاً. فإذا فعل ذلك، فإنه سيُهاجم حيث لن يشعر بأدنى ألم، وسيوفر على نفسه بالتالي هجوماً قد يسبب له أذىً بليغاً. هنا، الخصم بدون مواربة يهودي أو صهيوني. نعم، اليهود شيء متنوع، ومن ناحية سياسية، لم يشكلوا يوماً كتلة واحدة، حتى ضد هتلر. ولكن بدون اليهود لا توجد صهيونية، وباستثناء بعض الحالات النادرة، فإن اليهودي سيتضامن مع الصهيوني، والصهيوني مع اليهودي، إذا لاحظا بأن أسطورتهما المشتركة، "المحرقة"، في خطر. لذلك، فإن التمييز الذي يستحق أن يقام عادة بين اليهودي والصهيوني لا مكان له في هذه الورقة.

أ ) مخاوف الخصم الزائفة ونقاط ضعفه الظاهرية:

1- رغم إظهارهم الخوف من هجوم عسكري على دولة "إسرائيل"، فإن الصهاينة الذين يحكمون تلك الدولة، ويهود الشتات الذين يدعمونهم، لا يرهبون قوة عدوهم العسكرية، لأنهم يعرفون بأن عدوهم سيتفوق عليه الجيش الإسرائيلي دائماً، بفضل التكنولوجيا والمال المزودين من الخارج، خاصة من قبل الأمريكيين والألمان.

2- إنهم لا يخافون فعلاً من تنويعات معاداة اليهودية، التي تسمى بشكل غير صحيح "اللاسامية". على العكس، إنهم يقتاتون عليها، وهم يحتاجونها ليتمكنوا من الاحتجاج ضد اللاسامية، إن لم يكن لشيء، فلجمع المزيد من المال في الشتات. فالأنين حاجة حيوية عندهم: "فكلما نحبوا، كلما كسبوا، وكلما كسبوا، كلما نحبوا".

3- إن اليهود والصهاينة ليسوا فعلاً خائفين من الإدانات اليهودية "لاستغلال المحرقة"، و"صناعة الهولوكوست" التي يقوم بها أمثال بيتر نوفاك وتيم كولز ونورمن فينكلشتين، لأنها، وهنا تكمن المفارقة، تصبح نوعا ما إدانات ""Kosher [أي حلال يهودياً]، يتم الحرص فيها على إظهار التوقير تجاه "المحرقة" نفسها. ويلاحظ بالإضافة إلى ذلك، أنه إذا أصبح الاستغلال الصناعي أو التجاري للمعاناة الحقيقية أو المفترضة لليهود صناعة ذات ربح وفير، فإن نقد هذا الاستغلال قد اصبح مصدراً آخر للربح. لكن هذين المصدرين، خاصة الثاني، حكر على اليهود فقط، فهما ممنوعان على الأغيار، وإذا تجرأ شخص من الأغيار على تقليد نورمن فينكلشتين مثلاً في إدانته لمافيا "المحرقة"، فإن عصابة من حراسها اليقظين سينقضون عليه في الحال..

4- إنهم لا يخافون من معاداة الصهيونية بحد ذاتها، بل إنهم أحياناً يجيزون استخدام هذا التعبير.

5- بالتحديد، ليس لديهم داع للقلق إزاء نمط شائع من معاداة السامية يتألف من مهاجمة كل الأساطير المؤسسة لإسرائيل، باستثناء تلك التي أصبحت أساسية، أي "المحرقة".

6- لا يحتاجون أن يضطربوا إزاء اتهامات العنصرية والإمبريالية والنازية اليهودية لأن هذه التهم، حتى وإن كانت صحيحة، تشبه شعارات طقوسية تلفظ بشكل ميكانيكي، شعارات مصاغة بلغة تجاوزها الزمن. إن رؤية اليهود يقارنون بهتلر، ثم سماع أن الصهاينة، مثل النازيين، ينفذون سياسة "إبادة جماعية"، ليس بالضرورة أمراً مزعجاً لليهود والصهاينة، لأنه يعزز التصورات التي لفقها الصهاينة أنفسهم عن هتلر والنازيين. 

وهذا يساعدهم على ترسيخ وهم "إبادة اليهود جماعياً" بشكل ثابت في كل الأذهان أولاً وقبل كل شيء. ومع أن هتلر كان عنصرياً، ومعادياً لليهود الأممين، ولكن ليس لليهود الصهاينة، فإنه لم يأمر أو يسمح أبداً بقتل أي شخص بسبب عرقه أو دينه. بالإضافة إلى ذلك، كانت المحاكم العسكرية الألمانية تفرض عقوبات تصل إلى حد الإعدام على الجنود والضباط والموظفين الألمان الذين يقتلون رجلاً يهوديا أو امرأة يهودية حتى في المناطق الواقعة تحت الاحتلال الألماني في بولندا وروسيا وهنغاريا، وهذه نقطة تاريخية حجبها المؤرخون التصفويون [الذين يقولون بإبادة اليهود]، وأهملها للأسف المؤلفون المراجعون.

7- على الرغم من تظاهرهم بالنقيض من ذلك، فإن اليهود والصهاينة يضحكون، وليس دون سبب، من أولئك الذين يتحدثون عن "مؤامرة يهودية" أو عن "مؤامرة أوشفتز" [أحد معسكرات الاعتقال النازي حيث يفترض أن اليهود أبيدوا].

فليست هناك "مؤامرة يهودية" (أو ماسونية أو يسوعية أوبابوية أو أمريكية أو شيوعية)، بل هناك سطوة ونفوذ يهوديين. فادعاء إبادة اليهود في أوشفتز ليس مؤامرة، بل كذبة. وبالمناسبة، فإن الطريقة التآمرية في التفكير، وهي جزء غالي من التراث اليهودي، يجب أن تبقى امتيازا لهم، ونخطئ نحن إذا لجأنا إليها.

ب- مخاوف الخصم الحقيقية ونقاط ضعفه الصحيحة:

1- في فلسطين، يخاف اليهود والصهاينة فعلاً من أسلحة الفقراء، مثل حجارة الأطفال ومقاليعهم، مثل تلك التي استخدمها النبي داود ضد العملاق جالوت، ومن العمليات الاستشهادية، وكل ما يعرض الأشخاص والتجارة للخطر. انهم يخافون ما يحط من قدر صورتهم المتميزة، ويفزعون من أن يضطروا يوماً ما للاختيار بين الرحيل بحقيبة والرحيل في كفن.

2- ولكنهم يخافون فوق كل شيء من "قنبلة الفقراء الذرية"، أي انحلال كذبة غرف الغاز والإبادة والستة ملايين عن طريق المراجعة التاريخية، يرهبون هذا السلاح الذي لا يقتل أحداً لكنه لا يخطئ"، إذا استعمل بشكل صحيح لتفجير كذبتهم الكبرى كبالون من الهواء..

3- إنهم يخافون أن يتجلى أمام أعين العالم، أن زيف "المحرقة" هو الذي سمح غداة الحرب العالمية الثانية بإنشاء مستعمرة يهودية على أرض فلسطين اسمها إسرائيل، وكان ذلك في وقت تسير فيه حركة التخلص من الاستعمار في كل المعمورة على قدم وساق.

4- إنهم يعرفون بأن خسران "المحرقة" هو خسران سيف ودرع إسرائيل كما أنه خسران لأداة مهيبة لممارسة الابتزاز السياسي والمالي. ياد فاشيم Yad Vashem في القدس عبارة عن نصب تذكاري ومتحف (يتم توسيعه حالياً) في آنٍ معاً. كل شخصية أجنبية تزور إسرائيل لعقد صفقات مالية أو سياسية عليها قبل كل شيء أن تزور متحف الفظائع هذا لتتشرب مشاعر الذنب على نحو يجعلها أكثر مطواعية. وأحياناً، يتم التخلص من هذه الشكلية في حالة ممثلي بعض الأمم القليلة جداً التي لا يستطيع اليهود والصهاينة مهما حاولوا أن يوبخوها على دورها السلبي أو الفعال في "المحرقة" المزعومة. عندها يصبح من المسلي أن تلحظ الرسميين الإسرائيليين يتذمرون من صعوبة التعامل مع شركاء لهم لم يتمكنوا من تكييفهم مسبقاً.

5- إنهم يدركون أن "المحرقة" لو تبين أنها خدعة، فإن السلاح رقم واحد في ترسانة إسرائيل الدعائية سوف يختفي (من رسالة روبنشتاين، البروفيسور في جامعة ديكن في مالبورن، استراليا، إلى مجلة ناشيونال ريفيو، 21/6/1979، ص639). ويعرفون جيداً أن "المحرقة" لو أظهرت كأسطورة صهيونية، فإن أقوى سلاح في ترسانة إسرائيل الدعائية سوف ينهار (المصدر: روبنشاتين في مقالة "اليسار واليمين واليهود" في مجلة كوادرنت، عدد أيلول سبتمبر 1979، ص270).

6- ويكاد يغشى عليهم لمجرد التفكير بأن الجمهور قد يعرف أخيراً عن مجموع المظالم التي مثلتها كل عمليات التطهير، والقضايا المرفوعة في المحاكمات الهزلية في نورمبرغ، والاعترافات المنتزعة حول موضوع غرف الغاز أو شاحنات الغاز التي لم توجد يوماً، وحول عمليات قتل لا تصدق، ومطاردة الشيوخ في بيوت العجزة بعد أكثر من نصف قرن على الجرائم التي يفترض أنهم ارتكبوها، وتلقين كل الأذهان من المدرسة الابتدائية إلى الجامعة، وفي الكتب والصحف والإذاعات والتلفزيونات في كل قارة، صباحاً وظهراً ومساءاً وليلاً، أسطورة "المحرقة"؛ بالترافق مع الاضطهاد الشرس للمراجعين، لأنهم ارتكبوا جريمة نكراء هي مطالبتهم، ببساطة، بحق التحقق من اتهامات غير معقولة لا تدعمها إثباتات، أو من شهادات تم قبولها على أنها صحيحة، دون استجواب واستجواب معاكس، ودون تحقيق واحد في السلاح المزعوم الذي استخدم في الجريمة المزعومة (غرف الغاز).

7- باختصار، إن كابوس هؤلاء اليهود والصهاينة هو أن يضطروا للاستماع بشكل متكرر جملة قيلت على الهواء قبل أكثر من عشرين عاماً على راديو أوروبا رقم 1(Radio Europe 1) من قبل مراجع فرنسي، وهذه الجملة هي: "إن غرف الغاز الهتلرية المزعومة والإبادة المزعومة لليهود يشكلان كذبة تاريخية واحدة، سمحت بعملية احتيال مالية وسياسية عملاقة، المستفيدان الأساسيان منها دولة إسرائيل والصهيونية العالمية، والضحية الأساسية لها الشعب الألماني، ولكن ليس قادته، والشعب الفلسطيني بأكمله".

الجزء الثاني: كيف نخوض المعركة لإنهاء هذا الصمت؟


1- في شهر 11/2000 أمضيت أسبوعاً في إيران في معهد مركز الدراسات الاستراتيجية الذي يرتبط مباشرة برئيس الجمهورية الإسلامية محمد خاتمي. في الفترة نفسها جاء المراجع السويسري جيرغن غراف إلى إيران، وبفضل جهوده المكثفة، والاتصالات التي حافظت عليها مع السلطات الإيرانية بعد العودة إلى فرنسا، قامت جريدة طهران تايمز بنشر سلسلة من المقالات المراجعة، حمل أولها توقيع البروفيسور سوروش نجاد [رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية الإيراني].

2- مقابل المعلومات التي تمكنت من تقديمها لمحاوري الرئيسي عن المراجعة التاريخية، فقد طلبت منه تفسيراً مقنعاً للسؤال التالي: لماذا لم تجد المراجعة التاريخية حتى الآن صدىً لها في البلدان العربية والإسلامية؟ وقد قدم لي عن طيب خاطر ثمان إجابات أو أسباب لذلك، بعضها أصبح من الواضح لنا جميعاً بعد الأحداث الأخيرة في فلسطين [الانتفاضة الثانية] أنه لم يعد صحيحاً، وبعضها ينم عن سوء فهم، وبعضها الآخر ما برح يحتفظ لسوء الحظ بكل قوته، بالتحديد السبب التالي: إن الدول الغربية، قبل أن تتذمر من صمت الآخرين، عليها أن تقدم مثالاً عملياً في الممارسة، ولكن عدد المراجعين لا يزال قليلاً إلى حد مضحك في تلك البلدان، فلا يزال محدوداً جداً عدد أولئك الذين التزموا عن سابق تصميم بأسمائهم الحقيقية وبدون أية مناورات أو تحفظات أن يسيروا في الطريق الذي افتتحه بول راسينيه [أول مراجع، وكان قد اعتقل في معسكرات الاعتقال النازية وكتب كتاباً شكك فيه بكل أسطورة "المحرقة" وأكاذيب غرف الغاز].

3- وقد حاولت أن أوضح أن السبب الأساسي لضعف المراجعة التاريخية هو ببساطة الخوف. وأضفت أن أية شخصية سياسية اليوم، سواء كانت إيرانية أو لبنانية أو صينية أو يابانية لا تستطيع أن تتجنب الشعور بهذا الخوف أمام جماعة قوية وغنية في العالم الغربي إلى هذه الدرجة، حتى أن قياداتها لديها الوسائل الكفيلة بغزو وسائل الأعلام بشكاواها وإداناتها في أية لحظة، من أجل المطالبة في نهاية الأمر بالمقاطعة الاقتصادية لأية أمة تتلكأ قيادتها عن القيام بعمل "تكفيري" عاجل، أو تقاوم المطالب اليهودية.

4- ثم قمت بعد ذلك ببحث الأسباب التي تدعو قادة الدول الإسلامية رغماً عن ذلك إلى الكف عن صمتهم، وكيف يمكنهم أن يقوموا بذلك حسب رأيي. لن أشرح هذه الأسباب في هذا المعرض، ولكني سأختصر كلامي حول الطريق الواجب اتباعه في كسر الصمت بالجملة التالية: يتوجب أن يقوم قائد أو أكثر من هذه القيادات باجتياز الحد بشكل حازم ودون مجرد التفكير بالنظر إلى الوراء. إن تجربتي الطويلة مع اليهود أو الصهاينة في هذا المجال أقنعتني أن المخادعين تربكهم قحة أي شخص يجرؤ على مجابهتهم علناً. تماماً مثل الشاهد الزور، إذا استطعت الإمساك بنظرته، فإن عليك أن تستجوبه وعينك تحدق في عينه، كذلك فإن أتباع إدغار بروفمان، وايلي ويزل وسيمون ويزنثال [من مدعي "المحرقة"] والحاخامين مارفن هاير وأبراهام كوبر، يجب أن يتم تحديهم بقدر ما يطلقون تهديداتهم المعتادة.

5- وحذرت مضيفي من إغراء اللجوء، حتى في المراحل الأولى، إلى شكل مميع في المراجعة التاريخية. مرة أخرى، لقد أثبتت التجربة أن المراجعة غير المبدئية يتم إذلالها. ولكن على المرء، من أجل اتخاذ موقف مراجع ثابت، أن يتعرف جيداً على الحجج الكيميائية والفيزيائية والوثائقية والتاريخية للمراجعة. لقد ذكرتهم مثلاً، بأن أسطورة غرف الغاز النازية كانت قد ماتت يوم 21/2/1979 على صفحات جريدة اللوموند عندما كشف 34 مؤرخ فرنسي عجزهم عن قبول التحدي بصدد الاستحالة التقنية لهذه المسالخ الكيمائية السخيفة. الجمهور لا يعرف ذلك الحدث، كما أنه لا يعرف عن تسلسل الهزائم والمآزق التي وقع فيها لوبي مؤرخي "المحرقة" منذ عام 1985، أي منذ محاكمة أحد المؤرخين المراجعين، ارنست زُندِل في تورنتو، كنذا [ارنست زُندِل ألماني الأصل ونازي النزعة- المترجم]. وقد بات على عاتق قادة الدول الإسلامية أن يكشفوا مثل هذه المعلومات المتحفظ عليها.

6- في هذه البلدان المختلفة، يتوجب أن تتسلح معاهد التاريخ وعلم الاجتماع والسياسة بقسم متخصص بالمراجعة التاريخية. فالمراجع البحثية وأرشيفات هذه الأقسام ستمكن العلماء حول العالم من الذين طردوا من بلدانهم وجامعاتهم ومراكز الأبحاث والمكتبات في دولهم بسبب آرائهم أو ميولهم المراجعة، من القدوم للعمل في الأصقاع الإسلامية، ويمكن أن تتعاون وزارات التربية والبحث والثقافة والشؤون الخارجية في هذا المشروع الدولي الأبعاد.

7- إذا أخذنا بالحسبان أن غلاة "المحرقة" يحافظون ليس على الأكاذيب فحسب بل على الكراهية أيضا، فسيبدو مناسباً أن تتأسس على مستوى دولي "حركة ضد زيف "المحرقة" ومن أجل الصداقة بين الشعوب".

8- قد يكون ملائماً من أجل إحداث بعض التوازن في ميزان القوى في العلاقات الدولية أن تتم دعوة الطواقم السياسية والديبلوماسية للقوى العظمى لإظهار المزيد من التواضع. هؤلاء الناس الذين لا يوفرون بقية الخلق من مواعظهم الأخلاقية، يجدر أن يُذكَّروا بأنهم ينحنون أكثر قليلاً مما ينبغي أمام مافيا دولية متخصصة بالأكاذيب والاحتيال واحتقار حقوق الإنسان. إن ما يسمى بالمجتمع الدولي، الذي يستحضر هذه الحقوق باستمرار، يجب أن يعيد تثبتها في حالة المراجعين قبل توبيخ البلدان العربية والإسلامية على عدم التسامح أو الظلامية. هذه الاتهامات يمكن بسهولة أن تحوّل ضد الدول التي لا تتسامح بالتساؤل عن خرافة تحولت إلى تاريخ رسمي بحماية قوانين استحدثت خصيصاً، وتمنع قاطنيها من إلقاء الضوء على مواضيع تاريخية معينة.

9- إن وسيلة جديدة وقوية للمعلومات، هي الإنترنت، باتت تسمح بانتشار متسارع للمراجعة التاريخية، وانظر بالتحديد إلى المواقع المنسوبة لأحمد رامي وأقسامها العربية. وهذه الوسيلة، الإنترنت، تعطي المثقفين العرب والمسلمين الذين تأثروا أكثر مما ينبغي بالأيديولوجيا السائدة في الجامعات الغربية حيث درس كثيرٌ منهم، فرصة للتخلص من آثار مخدر "المحرقة".

10- الخلاصة، إن شعور القلق العميق الذي أظهره قادة اليهود والصهاينة إزاء انتفاضة صغار الفلسطينيين الذين يعيشون في الإملاق، وإزاء نشاطات المراجعين الذين لا يملكون أي من الموارد الاقتصادية والمالية الموجودة تحت تصرف مافيا "المحرقة" العظيمة يذكّر بالخوف المتوارث الذي يشعر به الغني أمام الفقير، والمستعمِر أمام المستعمَر، والسادة عند مرأى عبيدهم. فالقادة اليهود والصهاينة يرغون ويتوعدون ويضربون. إنهم يرون أنفسهم أغنياء (ولكن ليس أبداًً بما فيه الكفاية طبعاً)، ويرون بحوزتهم جميع أنواع الأسلحة (سواء تلك التي تعتمد القوة العارية أو المعتمدة على الابتزاز)، وهم يعرفون كيف يجعلون أنفسهم مخيفين لكل قادة الأمم الأكثر حظوة. ولكن رغم ذلك، تبقى فكرة مواجهة شجاعة أولئك الذين لم يبقى لديهم أي شيء يخسرونه في الانتفاضة المزدوجة ، انتفاضة الفلسطينيين وانتفاضة المراجعين، تطارد الصهاينة. فالأغنياء والأقوياء يثير حنقهم أن يروا بأنه من الممكن تحديهم من قبل الفلسطينيين بأيديهم العارية إلا من الحجارة، ومن قبل المراجعين بأيديهم العارية إلا من الأقلام.

الجزء الثالث: الهدف الرئيسي: "غرفة الغاز السحرية".


دعونا نتعلم التسديد، ودعونا لا نشتت جهودنا. فلنركز على توجيه انتباهنا نحو مركز عمليات الخصم. لكن مركز الصرح الكبير الذي يشكل ديانة "المحرقة" ليس إلا كذبة اوشفتز، وقلب هذه الكذبة، بدوره، يتشكل من "غرفة الغاز" المدهشة. وهناك يجب أن نصوب.

لم يتمكن أحد، في معسكر اعتقال اوشفتز أو في أي مكان آخر، أن يرينا عينة واحدة من هذه المسالخ الكيميائية. ولم يستطع أن يصف لنا شكلها الدقيق وطرق تشغيلها. ولم يكشف أثر أو ملمح واحد لوجودها. لا توجد وثيقة واحدة ولا دراسة واحدة ولا تصميم واحد لها. لاشيء! لا شيء سوى "دلائل" عرضية مثيرة للشفقة، مثل السراب تختفي كلما اقترب المرء منها، الأمر الذي أجبر المؤرخين اليهود أنفسهم في السنوات الأخيرة على التبرؤ منها.

أحياناً، كما في معسكر أوشفتز، تعرض على السياح غرفة غاز "أعيد تركيبها"، ولكن المؤرخين، وسلطات متحف اوشفتز أيضاً، يعرفون جيداً، على حد قول المؤرخ الفرنسي المعادي للمراجعين اريك كونان: "أن كل شيء فيها مزيف"، (المصدر: "اوشفتز: ذاكرة الألم"، مجلة لاكسبرس، عدد 19- 25/1/1995، ص68).

رغم ذلك، فإن اليهود محظوظون إذ يتم تصديقهم بناءً على كلمتهم. عملياً لا يطلب أحد أن يرى الأعجوبة التكنولوجية التي كان من الممكن أن تكونها غرفة الغاز النازية، كمسلخ كيميائي ضخم حقيقةً. تخيل لو أن أحدهم أخبرك عن طائرة قادرة على نقل ألفين أو ثلاثة آلاف راكب من باريس إلى نيويورك في نصف ساعة، ألن ترغب من أجل أن تبدأ بتصديق الأمر بمشاهدة صورة على الأقل من الشيء الذي يشكل قفزة تكنولوجية إلى الأمام لم يعرفها العلم أبداً من قبل؟! ولكن حسب القراءة التصفوية [لإبادة اليهود]، كان يتم وضع دفعات من ألفين إلى ثلاثة آلاف يهودي في حجرة غاز واحدة مزعومة في معسكر اوشفتز كل نصف ساعة فقط!! فأين هي هذه الحجرة؟ وأين تصميمها وآثارها؟ ألسنا في عصر العلوم الدقيقة والوسائل السمعية- البصرية؟ لمَ كل هذا الخجل المفاجئ عندما يتعلق الأمر بحجرة الغاز؟ لكن مروجي "المحرقة" تسير لعبتهم بيسر، فهم يعرضون عليك ما يماثل حمام منزلك أو مرآب سيارتك، ثم يقولون لك: "هذا هو المكان حيث كان الألمان يقتلون اليهود بالغاز في مجموعات من مائة أو ألف".. وأنت تصدق. إنهم يعرضون عليك شعراً بشرياً كذاك الذي تستطيع أن تشاهده عند أي حلاق شعر أو صانع باروكات [شعر مستعار]، ثم يقولون لك، بدون أي إثبات، بأن هذا هو شعر بعض ضحايا الغاز، يعرضون عليك أحذية طبع عليها: "أحذية ضحايا الغاز"، وأنت تصدق. يقدمون لك صوراً فوتوغرافية لجثث، وأنت تصدق أنك ترى صور المذبوحين. يجعلونك ترتعد من منظر محارق جثث الموتى وهي في الواقع غير استثنائية على الإطلاق. [محارق الجثث طبعاً شيء يختلف تماماً عن أفران الغاز المزعومة]. هناك طريقة بسيطة جداً لإظهار أنك خدعت فيما يختص بالحصيلة "المذهلة" لمحارق الجثث الألمانية في الأربعينات، وهي ببساطة أن نقارنها بحصيلة أكثر محارق الموتى حداثة في مدننا...

أعرف أيضاً وسيلة مفحمة لإثبات أن غرف الغاز المزعومة لقتل اليهود بغاز الـ Hydrogen Cyanide السام لم توجد أبداً: إنها تتطلب زيارة غرفة إعدام بالغاز في سجن أمريكي كما فعلت عام 1979، أو على الأقل تتطلب أن يدرس المرء غرفة إعدام بالغاز من هذا النوع. إن بنيتها معقدة إلى حد، وإجراءات إعدام شخص واحد فيها، كما يجري اليوم في السجون الأمريكية، تتطلب اتخاذ احتياطات جذرية لأنها خطرة على المنفذين أنفسهم. إن تلك الإعدامات الوحشية يتم استخدام غاز الهيدروجين سيانيد فيها ولذلك تتطلب استخدام إجراءات وقائية كثيرة وتكنولوجيا معقدة، مع أن تطورات كثيرة قد طرأت أو قد تطرأ في هذا الميدان في المستقبل مع التطور العلمي.

لويس- فرديناند سالين الذي ذكر لأول مرة تعبير "غرفة الغاز السحرية" من أكبر الأدباء الفرنسيين الذين تعرضوا لاضطهاد شديد بسبب مواقفهم المراجعة. مات عام 1961 وما زالت أعماله لا يعاد نشرها، دون قانون يحرم ذلك، ولكن بفضل النفوذ اليهودي، فهكذا هو القانون غير المكتوب للتلمود الحديث. وهناك أمثلة كثيرة أخرى على اضطهاد المراجعين بالطبع... وكان سالين قد استخدم تعبير "غرفة الغاز السحرية" في رسالة صديق يتحدث له فيها عن كتاب بول راسينيه، المعتقل في السجون النازية الذي كان أول من شكك بأسطورة "المحرقة" و"غرفة الغاز النازية".

نعم، إن غرفة الغاز النازية هي بالفعل "سحرية"، وكما سلف، لم يتمكن أحد بعد من عرض واحدة أو حتى رسمها. لم يتمكن أحد حتى الآن من تفسير طريقة عملها. ولم يتمكن أحد من إخبارنا كيف تمكن الألمان في معسكر اوشفتز من صب أقراص من مبيد Zyklon – B القوي الذي يتألف أساساً من قاعدة من الهيدروجين سيانيد السام من فتحات مزعومة في سقف "غرفة الغاز"، مع الأخذ بعين الاعتبار أن غرفة الغاز المزعومة هذه (وهي في الواقع غرفة باردة لحفظ الجثث بانتظار إحراقها) لم يوجد حتى ثقب واحد في سقفها، كما يمكن أن تلاحظ العين اليقظة بين الأطلال. ولذلك وصلت إلى الاستنتاج التالي: "لا ثقوب، لا محرقة"!

ولم يتمكن أحد أن يحل اللغز المتضمن في النسخة التقليدية للقصة: كيف يمكن لقوات اليهود العاملين تحت إمرة الألمان، المعروفين باسم Sonder Kommando، من الدخول إلى حجرة الغاز العظيمة دون عاقبة، بعد وقت قليل جدا من عمليات القتل الجماعية المزعومة، ليزيلوا بكل حيوية، يوماً بعد يوم، آلاف الجثث الملقية في أكوام متشابكة؟! فغاز الهيدروجين سيانيد سام جداً وتصعب إزالته بالتهوية، وهي عملية تأخذ وقتاً طويلاً. فهذا الغاز بالذات يخترق ويمكث في الجبس والطوب والإسمنت والخشب والدهان، وقبل كل شيء في الجلد والأغشية المخاطية للإنسان. لذلك، لا يستطيع المرء أن يدخل ويتحرك ويعمل هكذا في ما يشكل فعلياً محيطا من الغازات السامة، وإن يتدبر أمر جثث مشبعة بالسم إلى درجة تقتل كل من يلمسها.

بالإضافة إلى ذلك، يعرف الخبراء في حقل التطهير أو المبيدات بأن من الضروري في جو من هذا النوع أن يتجنب المرء الجهد الجسدي ولو كان يلبس قناعاً واقياً للغاز، لأن الجهد يسرِّع التنفس، الأمر الذي يسمح للغاز بالمرور عبر الفلتر أو المصفاة، ويسبب مقتل لابس الواقي. أخيراً، لم يعلمنا أحد كيف استطاع اليهود المدهشون العاملون تحت إمرة الألمان أو Sonder Kommondo، من جر جثث أبناء دينهم المسمومين بالهيدروجين سيانيد وهم يأكلون أو يدخنون السجائر، حسب "اعتراف" منسوب إلى رودلف هاس، الأكثر شهرة بين آمري معسكر اوشفتز المتتابعين. فحسب ما فهمنا، لم يضع هؤلاء حتى أقنعة واقية للغاز وطفقوا بالتدخين بين الأبخرة السامة لغاز متفجر، فهل هذا معقول؟!

إن غرفة الغاز سحرية بالفعل ولكن سحرها شرير ومثير للغثيان، وهي ليست أكثر من كابوس يقبع في أدمغة اليهود، في الوقت الذي يعمل فيه كبار كهنة "المحرقة" على جعل هذا الوهم الفظيع شبحاً يطارد العالم إلى الأبد ويبقيه في حالة أشبه بالتنويم المغناطيسي، فمعيشتهم تعتمد على ذلك.

وكان سالين السابق الذكر قد قال إن موضوع غرفة الغاز السحرية ليس بمسالة صغيرة، فهي في الواقع كل شيء وتسمح بكل شيء. وبدونها ينهار صرح "المحرقة" انهياراً تاماً. فغرفة الغاز النازية يفترض بأنها الدليل الملموس الوحيد، ولكن الذي يستحيل إيجاده، على التصفية الجسدية التي لم تحدث أبداً، والتي توصف بوقاحة بأنها كانت مدبرة ومخططة وذات طبيعة صناعية عملاقة، بمعدلات إنتاج تليق بـ"مصانع موت" حقيقة.

سالين، أخيراً، كان محقاً في الاستنتاج "أن عالماً كاملاً من الضغائن سوف يعوي على محطم الأصنام". من جهتي، يجب أن أضيف، بعد أكثر من نصف قرن على هذا التشخيص أو النبوءة، بأن العواء الذي يصم الآذان الآن أكثر وأكثر لم يتوقف لحظة ضد محطمي الأصنام الذين هم المراجعين. في فرنسا، يسمى المراجعون اليوم اسماً همجياً هو "النفيين". وهم لا "ينفون" أو ينكرون شيئاً بل يؤكدون عند الانتهاء من أبحاثهم بأن زيفاً تاريخياً عملاقاً يفرض سطوته.

استنتاج:


إنّ شبح المراجعين يطارد أيام وليالي المدافعين عن القانون اليهودي، ومن أسماهم سالين "احتكار الشهداء" أو "تروستات الشهداء". وضد هذا التروست Trust [احتكار شركات متحالفة أو مصرفها التجاري]، يحاول المراجعون أن يحموا أنفسهم، ولكن التروست يطاردهم بلا رحمة. فهو يسبب لهم الأذى الجسدي والتشويه، ويقتلهم ويجبر بعضهم على اللجوء خارج بلاده، وهو يشعل النار بالمنازل ويحرق الكتب... وهو يقود بعضهم إلى الانتحار كما حصل يوم 25/4/1995 عندما أحرق المراجع الألماني راينهولد الستنر نفسه احتجاجاً على زيف "المحرقة" واضطهاد المراجعين. ويوم 13/5/2000، أنهى بروفيسور العلوم السياسية الألماني وارنر فايغنبرغر حياته بسبب شدة وطول معاناته قضائياً واجتماعياً على يد صحافي يهودي اشتم رائحة المراجعة التاريخية في كتاباته. وكانت الشرطة الألمانية قد اعتقلت الأشخاص الذين أتوا لوضع باقة من الورد في المكان الذي أحرق فيه راينهولد الستنر نفسه احتجاجاً. إذن الترست يسيطر على الشرطة والقضاة وأجهزة السجون ويجعلها تفعل ما تشاء. وهو يمارس الضغط، ويبتز ويسرق، ويسلط كلاب الصحافة علينا، ويطردنا من وظائفنا، ويكيل الإهانات لنا. ومن جهتنا، وحسب معلوماتي، لم يرفع أحدنا يده يوماً ضد أي من هؤلاء.

إن المراجعين يعيشون حياة المشقة، أما الفلسطينيين فيعيشون مأساة. وبخاصة، إن العديد من الأطفال الفلسطينيين قُدر لهم مصيرٌ مؤسفٌ. قتلتهم الإسرائيليون هم، على مستوى أصغر، خيرَ خلف لسلاح الجو الأمريكي، الجهاز العسكري الذي ساهم بقتل وتشويه وتجويع الأطفال أكثر من أي جهاز عسكري آخر في كل التاريخ البشري، ابتداءً من ألمانيا وبقية أوروبا، ثم في اليابان وفيتنام وبقية آسيا، ثم في الشرق الأدنى والشرق الأوسط، وأخيراً في الكثير من الأماكن الأخرى في العالم حيثما يتلقى الجندي الأمريكي أمراً من أسياده لمطاردة "هتلر" جديد من أجل منع "عملية إبادة جماعية" جديدة.

ألا فليسمع قادة الدول الإسلامية الفلسطينيين ونداءات المراجعين، فإن محنتنا متشابهة، وانتفاضتينا متماثلتان.

إلا فليكف هؤلاء القادة أخيراً عن صمتهم إزاء أكبر زيف في الأزمنة الحديثة، زيف "المحرقة".

إلا فليشجبوا خاصة كذبة غرفة الغاز النازية المزعومة التي لم يذكرها يوماً أي من القادة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية من تشرشل إلى ديغول إلى ايزنهاور.

إن مأساة الفلسطينيين تتطلب ذلك، ومحنة المراجعين تجعله ضرورياً، وقضية الإنسانية ككل تجعله واجباً أخلاقياً وسياسياً وتاريخياً. إن الزيف العظيم يجب أن يدان، لأنه يثير الحقد والحرب. ومن أجل كل ذلك يتوجب على قادة الدول الإسلامية أن يكفوا عن صمتهم إزاء زيف "المحرقة".

د. روبرت فوريسون

تلخيص وترجمة د. إبراهيم علوش.



 



HOME                           اللغة العربية