Radio
Islam - Ahmed Rami - راديو إسلام
-
أحمد رامي
-
Morocco - Maroc -
-
Hweidi
- Houeidi - Houidi - Sadat - Islambuli -
HOME-
Islambouli
عندما
تسود الخيانة و يعم الفساد و تكم الأفواه
لا يبقى الا ما فعله خالد الاسلامبولي و رفاقه
...
|
مــا الــحــل ؟
إنها
كارثة أمة
تتآكل أمامنا مادياً ومعنوياً،
ونحن لاهون أو ساكتون !
مقالات للكاتب
فهمي هويدي
عرفته الصحافة
العربية كاتباً ومفكراً يحمل هموم الأمة الإسلامية والعربية، واستطاع بقلمه
أن ينفذ عبر كل العصور
محللاً ومفكراً له آرائه الصادقة المعبرة عن نبض الأمة
دون خوف أو انكسار،إنه الكاتب والمفكر فهمي هويدي |
تحريرالمواطن قبل تحيررالوطن
لن نستطيع كسب اي معركة بجيش من المقهورين !
فلنضع الحصان أمام العربة
18 يونيو 2002
لا
نستطيع ان نستمر في التنديد بالمظالم التي تحيق بالشعب الفلسطيني في الارض
المحتلة، في حين نغض الطرف او نسكت على المظالم التي تقع في بيتنا العربي.
اذ ليس ذلك من الاستقامة او المروءة في شيء. واذا ما قلت ان الفرق كبير
وانه لا وجه للمقارنة بين الحالتين، فسوف أوافقك على طول الخط. لكن أرجو
ألا تختلف معي في أمرين: أولهما ان المظلومية تشكل قاسما مشتركا بينهما،
والثاني اننا لا نستطيع ان نحرر الوطن قبل ان نحرر المواطن، ولا نستطيع ان
نكسب اي معركة بجيش منكسر او مقهور.
(1)
أدري ان الوجع الفلسطيني يهيمن على مداركنا على نحو ينسينا أوجاعا كثيرة
نعاني منها، وتلك حقيقة سياسية وعلمية مبررة، بمقتضاها يحجب الوجع الأكبر
ما دونه، ويتقدم الأهم على الاقل أهمية. لكننا من خبرة السنين أدركنا ان
ثمة صلة بين تلك الاوجاع، وأننا خسرنا الكثير بسبب الفصل فيما بينهما،
خصوصا حين طال بنا العهد، وتبين لنا ان تأجيل النظر في همومنا الخاصة بحجة
التفرغ لمواجهة الهم الأكبر أضر بنا كثيرا ولم ينفع. فقد تضاعفت اوجاعنا
الخاصة، ولم نتخلص من الوجع الاكبر، كما أننا لا حظنا انه في بعض الحالات
كانت حجة التفرغ للهم والوجع الاكبر مجرد ذريعة للهروب من مسؤولية معالجة
الاوجاع الاصغر. من الاهمية بمكان، وانه ما كان لها ان تتأجل، لان من شأن
ذلك العلاج اذا تم ان يعزز عافية الجسم وتقوية حصاناته الاخرى، ومن ثم
يمكنه من الصمود في مواجهة الاوجاع الاكبر ورفع كفاءة التصدي لها.
الامر في هذه الحالة لا مجال فيه للحيرة، كما في سؤال البيضة والدجاجة،
وأيهما أسبق من الاخرى. اذ نحن بصدد معادلة مختلفة تماما، في بساطة السؤال
حول ما اذا كنا نضع الحصان أمام العربة او العكس، حيث لا يستطيع عاقل ان
ينتصر لفكرة وضع العربة أمام الحصان. مع ذلك فيبدو ان العالم العربي توافق
ضمنا على تأييد ذلك الوضع المقلوب، وظل على تلك الحال طيلة العقود الخمسة
الاخيرة، الامر الذي أوصلنا الى ما وصلنا اليه، ومكن شارون ومن لف لفه من
مجرمي الحرب الاسرائيليين من ان يعربدوا في فلسطين كما يشاؤون، وشجع
الادارة الاميركية على ان تشهر على الملأ تأييدها للعربدة، ووقوفها بكل
جرأة الى جانب القاتل فوق جثة القتيل!
ان شئت فقل ان عبثية الوضع العربي أنتجت وضعا أكثر عبثية اسرائيليا
واميركيا، الامر الذي اصبح يفرض علينا ان نعيد النظر في المصدر الاساسي
للخلل، بحيث لا نرضى بديلا عن ضرورة وضع العربة أمام الحصان.
(2)
التذكير بتلك البديهيات مهم للدخول في موضوعنا. ذلك انني كنت قد رأيت ان
ألفت النظر هذا الاسبوع الى ما تفعله الحكومة الاسرائيلية لتغيير خرائط
الواقع، من خلال مشروعها لإقامة سور بطول يتجاوز مئة متر وبارتفاع يصل الى
ثمانية أمتار في بعض المواضع، لكي يفصل بين الاسرائيليين والفلسطينيين في
الضفة الغربية، اضافة الى الحملة التي تقودها حكومة شارون لتنشيط الهجرة
واستدعاء مليون يهودي آخر من الخارج، وتمثلت أحدث حلقاتها في تهجير جاليات
بأكملها مع حاخاماتها وليس مجرد أفراد من أميركا اللاتينية وزرعها وسط
فلسطين 48. هذا في الوقت الذي يناقش فيه آخرون مسألة “الترانسفير”، وكيفية
التخلص من العرب الذين تتكاثر أعدادهم بشكل مقلق داخل اسرائيل. وهي عناوين
كبيرة لا تلقى ما تستحقه من اهتمام من جانبنا، في الوقت الذي ننشغل فيه
بالكلام عن “الاصلاحات” المفترضة في الساحة الفلسطينية، وعمليات اعادة
الاستيلاء على المدن والقرى او اقتحامها في الصباح ثم الخروج منها في
المساء بعد “تمشيطها” وإلقاء القبض على الناشطين فيها. كما أننا نتجادل حول
حكاية “الدولة الفلسطينية” التي اصبحت تدغدغ مشاعرنا، في حين تتحرك اسرائيل
بسرعة لتفريغها من اي مضمون له قيمة.
بينما كنت أراجع القصاصات والمعلومات التي توافرت لي حول هذه الموضوعات،
وجدت الى جوارها قصاصات وشهادات اخرى تتعلق بخرائط الواقع العربي. كنت قد
جنيتها لشأن آخر. وفي لحظة خطر لي ان أقابل بين الحالتين العربية
والاسرائيلية. بوجه أخص بين ما يفعلونه لتعزيز مواقعهم وتحقيق أحلامهم
الوحشية، وبين ما نفعله نحن في بناء قدراتنا وتقوية دفاعاتنا وحصاناتنا.
ونبهتني تلك المقارنة الى أننا نولي اهتماما بنقد ممارساتهم بما يتجاوز
بكثير اهتمامنا بعافية مجتمعاتنا، في حين ان تلك العافية هي في نهاية
المطاف ذلك “الحصان” الذي نراهن عليه، بعد الاحباطات التي أصابتنا والاحزان
التي تلبستنا من جراء المراهنة على الاحصنة الاخرى، والحصان الاميركي
آخرها!
في اي صراع، وفي معركة التقدم بوجه عام، فانك لن تحصد الا بقدر ما زرعت.
والزرع المطلوب هنا لا بد وان يكون على امتداد مختلف جبهات النماء وركائز
العافية. ذلك ان القوة في زماننا لم تعد مقصورة على القدرة او حتى الكفاءة
العسكرية وحدها، لكن قوة المجتمعات اصبحت هي المحك والفيصل، بل هي العنصر
الفاصل في الانتصار او الانكسار. ووحدها المجتمعات الهشة ومتصدعة البنيان
هي التي تكسرها الهزائم وتقصم ظهورها، اما الصمود والتصدي فهو حظ تلك
المجتمعات التي تتمتع بمقومات العافية وتمسك بأسبابها.
(3)
حتى
اذا نحينا جانبا موضوع الصراع مع اسرائيل، وركزنا اهتمامنا على فكرة البقاء
ومجرد الانتماء الى التاريخ، فان لذلك ايضا شروطه وحد العافية المطلوب له.
ومن أسف ان واقعنا العربي يفتقد الى بعض تلك الشروط، الامر الذي يصيب المرء
بخليط من الحزن والحيرة. الحزن لمجرد غياب الشروط، والحيرة ازاء الكيفية
التي يتعين التعامل بها مع ذلك الموقف. فالصمت محمول بشبهة القبول والتواطؤ
الضمني على استمرار الاوضاع كما هي، والكلام قد يساء الظن به، برغم انه يصب
في وعاء “النصرة”، ولا يرنو لأقل من تصويب الخطى والأخذ بأسباب العافية.
أعني أنه في النهاية “مع” ولا يمكن ان يصنف بأي حال في مربع “الضد”.
ان شئت فقل انه خيار بين شرين، أولهما التواطؤ وثانيهما سوء الظن. ولأن
الأخير هو أهون الشرين، وهو البديل الوحيد اذا ما اختار المرء ألا يلتزم
الصمت، فان القبول به يغدو مغامرة مفروضة.
بين يدي نموذجان للمظالم التي لا يجوز السكوت عليها في العالم العربي،
ويتعين على كل صاحب ضمير ان يسجل انكاره لها، وتضامنه مع ضحاياها. النموذج
الأول مشرقي من سوريا، والثاني مغربي من تونس. وفي سوريا وضع مستجد تمنى
الجميع ان يفتح صفحة جديدة تتجاوز مرارات الماضي وتداوي جراحاته، وتلبي
أشواق الذين يتمنون الخير لذلك البلد العزيز على كل عربي. وفي تونس عهد
مقبل على رئاسة جديدة بعد التعديل الدستوري، يتمنى المرء لو انها مسحت
أحزان السنوات الكبيسة التي خلت وجددت آمال الناس في المستقبل.
(4)
يحسب للملك محمد السادس، ملك المغرب، انه بعد توليه السلطة عمل على إغلاق
الملفات العالقة وتصفية آثار الممارسات السلبية التي ورثها. وكان ملف
المفقودين في مقدمة ما كان عالقا. فقد سويت اوضاع هؤلاء وصرفت التعويضات
اللازمة لأهاليهم، فيما أغلقت السجون ذات السمعة السيئة، التي عانى
المعارضون السياسيون من أهوالها.
والمشهد ليس مختلفا كثيرا في تونس الا في بعض التفاصيل. فقد صدر في الشهر
الماضي تقريران عن الحريات في سنة 2001، أحدهما عن حقوق الانسان والثاني عن
الحريات العامة. في التقرير الاول شكت رابطة حقوق الانسان في تونس من ان
العام المنصرم كان “سنة انتهاك حقوق النشطاء”، وأكدت ان التجاوزات التي
طاولتهم بلغت رقما قياسيا مقارنة بالسنوات الماضية، وانتقدت الصعوبات
الادارية الجمة التي يتعرض لها مؤسسو الجمعيات المستقلة، خصوصا رفض السلطات
الترخيص لمرصد حرية الصحافة والنشر ورابطة الكتاب الأحرار، ولجان مقاومة
التطبيع ومركز تونس لاستقلال القضاء والمحاماة، الذي يرأسه الاستاذ مختار
عيادي، الذي عزل من منصبه لاعتراضه على تدخل السلطة التنفيذية في أحكام
القضاء.
انتقدت الرابطة “حال الاختناق التي يعيشها المجتمع المدني بسبب احتكار
(السلطات) وسائل الاعلام”. وحملت دور “الوكالة التونسية للاتصال الخارجي”
في “احتكار الاعلان (...) وتوزيعه بحسب الولاء للسلطة”. وأفادت ان ثلاث
دوريات لم يحصل أصحابها على امتياز إصدارها وهي “المقاصد” و”مغربيات”
و”كلمة” على رغم استيفائهم الشروط القانونية، مثلما قال التقرير. اشارت
الرابطة ايضا الى مصادرة أعداد صحيفة “الموقف” التي يصدرها “الحزب
الديموقراطي التقدمي” (معارضة) واضطرار حركات غير مرخص لها او اشخاص لإصدار
صحف من دون الحصول على امتياز. وانتقدت مصادرة أعداد كبيرة من الصحف
العربية والاجنبية ومنعها من التداول في الأكشاك بما فيها عدد من جريدة
“لوموند” الفرنسية تتضمن مقابلة مع وزير الاتصال (الاعلام) وحقوق الانسان
(قبل عزله)، كذلك انتقدت “مصادرة اكثر من عشرين كتابا خلال العام الماضي”.
وكشفت الرابطة ان شبكة الانترنت تخضع لرقابة “الوكالة التونسية للانترنت”
(قطاع عام) والتي تشرف عليها وزارة الاتصالات. واضافت ان الرقيب “يقطع
الاتصال ويقفل طرق الارتباط (على المستخدم) ويحاصر بريده الالكتروني اضافة
الى منع الوصول الى المواقع المحظورة”.
تطرقت الرابطة الى ظاهرة احتجاز جوازات سفر معارضين سياسيين ونشطاء حقوق
انسان وقدرت أعداد المحرومين من الجوازات ب”بضع مئات غالبيتهم من السجناء
السابقين وأفراد أسرهم”. كذلك انتقدت غياب ضمانات “استقلال القضاء وانحسار
مجال تدخله”. وخصصت الرابطة بابا رئيسيا من تقريرها للأوضاع في السجون.
وأحصت تسع وفيات إما بسبب “المعاملة القاسية” او بسبب “الاهمال الصحي”.
واشارت الى شن المعتقلين سلسلة من الاضرابات عن الطعام لطلب تحسين اوضاعهم.
واعتبر التقرير ان “التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة ما زالت ظواهر
شائعة داخل السجون التونسية”.
اما التقرير السنوي الذي أصدرته جمعية الصحافيين التونسية، فقد أحدث دويا
وضجة في الاوساط السياسية، ادت الى عزل وزير الاتصال (الاعلام) وحقوق
الانسان السيد صلاح الدين معاوي، لأنه لم يستطع الحيلولة دون إعلان ذلك
التقرير.
انتقد التقرير الفجوة بين الخطاب السياسي الرسمي وحقيقة الممارسة المهنية
التي بقيت دون المستوى الذي دعا اليه رئيس الدولة، وأكثر ترديا مما يصبو
اليه الصحافيون. وحمل على الرقابة التي قال ان الصحافيين يخضعون لها، وأشار
الى وجود “خطوط حمر” تتغير في اليوم الواحد أكثر من مرة”. وانتقد “تردد
المؤسسات الاعلامية في تغطية الاحداث الساخنة. وانتظار ما (تبثه) وكالة
الأنباء الرسمية”. وكشف انه “يمنع الخوض في المواضيع التي تمس الوزارات
خصوصا وزارات السيادة”. وحذر من ظهور “رقيب جديد بدأ نفوذه يتوسع يوما بعد
آخر هو الاعلان الذي صارت له الكلمة الفصل في تحديد ما ينشر وما لا ينشر في
صحفنا”.
أدان التقرير تعرض صحافيين للاعتقال من دون تحديد أعدادهم او الفترات التي
أمضوها في الحبس، لكنه اشار الى اعتقال الصحافية سهام بن سدرين الصيف
الماضي في مطار تونس في أعقاب مشاركتها في برنامج تلفزيوني في لندن
وإحالتها الى القضاء، وحجب جواز الصحافي توفيق بن بريك العام ألفين، اضافة
الى حادثة اطلاق النار على الصحافي رياض بن فضل في أعقاب نشره مقالا في
صحيفة “لوموند” من دون إلقاء القبض على الجناة حتى اليوم.
اشار التقرير الى ان الصحف المحلية “تتعرض لضغوط ترمي الى منعها من نشر
مقالات او بيانات لمنظمات غير حكومية او أحزاب معارضة خصوصا عندما تكون
البيانات نقدية تجاه السلطات”. كما انتقد اوضاع الاعلام السمعي والمرئي،
وقال ان حاله “اسوأ بكثير من حال الاعلام المكتوب”. وحذر من كون “نصف الشعب
التونسي يهجر بلده في كل ليلة بحثا عن المعرفة والترفيه”.
من المفارقات اللافتة للنظر في هذا السياق انه في أعقاب صدور التقرير، قال
صحافيون قريبون من حزب التجمع الدستوري الحاكم انهم بدأوا حملة لجمع
التواقيع على طلب لسحب الثقة من الرئيس الحالي لجمعية الصحافيين محمد بن
صالح، وتعيين شخص آخر “أكثر وطنية مكانه”!.
(5)
إصلاح مثل هذه الاوضاع المختلة في الواقع العربي هو التعبير الوحيد عن فكرة
وضع الحصان أمام العربة، الذي من شأنه ان يقوّم العوج قبل اي تفكير في
الانطلاق نحو أي هدف، سواء تمثل ذلك في تحرير الارض او النهوض بالمجتمع.
وإنجاز تلك الخطوة مهم للغاية، ان لم يكن لبلوغ الاهداف المرجوة، فعلى
الأقل لإعادة الأمل الى شعوبنا المحبطة، التي أصبح المستقبل بالنسبة اليها
بمثابة لوحة قاتمة وأفق مسدود. ومن نماذج ذلك الاحباط ما كتبه أحد الأدباء
السعوديين، الاستاذ عدنان كامل صلاح، في صحيفة “الشرق الاوسط” (عدد 3/6)
مشيرا الى ان ابنه البالغ من العمر 19 عاما بعث اليه برسالة الكترونية
يتداولها اخوانه الشبان تتحدث عن أهم أخبار العام 2030 (اي بعد ربع قرن)
التي كان في مقدمتها العناوين التالية:
- اسرائيل ترفض الانسحاب من البصرة الا بعد ضمان أمن مستوطناتها في بغداد.
- مبادرة اسرائيلية لحل الخلاف الحدودي بين الإمارات العربية وسلطنة عمان.
- سيريلانكا تطرد ثلاثة آلاف خادمة عربية.
- زهوة عرفات تطالب بالانسحاب حتى حدود 2005. وستعلن الدولة في شهر مايو.
ان قتل الأمل لدى أولئك الشباب جريمة لا تغتفر!، ولا سبيل الى إنقاذهم من
ذلك المصير الا بوضع حصان الحرية أمام عربة المجتمع.
|