أحمد رامي ضابط
، سابق شارك في الانقلاب العسكري ضد
الحسن الثاني/ مقيم بالسويد:
|
نشرت المجلة الإلكترونية المغربية "تمازغابريس"- بتاريخ 7 يوليو 2008 - المقابلة التالية مع أحمد رامي. ونشرت أيضا - في نفس التاريخ - في الموقع المغربي هسبريس: أحمد رامي :
ولد بتافراوت أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، دخل الكلية العسكرية بمكناس سنة 1966 واضعا نصب عينيه تأسيس خلية للضباط الأحرار داخل الجيش المغربي، شارك في المحاولتين الإنقلابيتين ضد الحسن الثاني سنة 71 و72، كان الوحيد الذي استطاع الفرار، انتهى به الأمر بدولة السويد، أسس بها راديو الإسلام الذي أثار ضجة كبرى، ومنها يتابع أحوال المغرب من بعيد، إنه الضابط الإنقلابي أحمد رامي الذي خص موقع تمازغا بريس بهذا الحوار المثير وفيه قال: غادرت المغرب ولم يغادرني المغرب أنا من كان وراء تغيير أفكار وقناعات الجنرال أوفقير بعد المحاولتين الانقلابيتين لم يعد القصر يثق في الأمازيغ
أحلم بوحدة عربية إسلامية كما يحلم الأوربي بالوحدة الأوربية * أنت في السويد منذ المحاولة الانقلابية الثانية، ماهو وضعك هناك وماهي انشغالاتك؟ منذ مغادرتي المغرب ووصولي إلى السويد وأنا أعمل في الميدان الإعلامي، حيث أسست إذاعة وأصدرت عدة كتب عن المغرب وعن القضية الفلسطينية وعن السيطرة اليهودية على البلدان الغربية سياسيا وإعلاميا وإقتصاديا. كتبي ترجمت إلى الألمانية وإلى الروسية والفرنسية والسويدية والإنحليزية، وآخر كتاب صدر لي أخيرا كان باللغة السويدية عنوانه "الأفكار الممنوعة". وبسبب انتقادي لإسرائيل رفع علي اليهود هنا دعوى "قضائية" حكم علي إثرها بستة أشهر سجنا نافذة. ويبقى المغرب وهمومه هو شغلي الأساسي الشاغل، فقد غادرت المغرب ولم يغادرني المغرب.
* ما هي مقارنتكم لفترتي حكم الحسن الثاني ومحمد السادس أي ماهو وجه الشبه وما هو التغيير الحاصل؟ في اعتقادي ليس هناك أي جديد جوهري بين العهدين. فالمخزن بنفس العملاء وبنفس العائلات هو الحاكم والمتصرف، ندور في حلقات تاريخية مفرغة غارقين في الفساد والتقهقر المستمر، بينما العالم من حولنا يتغير ويتقدم. حتى شعوب موريتانيا والسنغال والنبال حصلت على حق تقرير مصيرها وعلى حق تقرير شؤونها بنفسها. لكن عندنا في المغرب، جوهر المشكل هو أن رئيس الدولة هو الذي يستحوذ على جميع السلط ويقرر مصيرنا. بقانون الغاب- الذي يسمي عندنا دستورا - يستحوذ رئيس الدولة مدى الحياة على سلطة التحكم في كل الوزارات "السيادية" التي تتكون منها الدولة، ولا يبقى "للحكومة المنتخبة" سوى جزء سخيف لتسيير بقية الإدارة طبقا لتعليمات رئيس الدولة. فما فائدة "الأحزاب" و" الانتخابات" و"البرلمان" و"الحكومة" في المغرب إذا كان رئيس الدولة وسلطاته هو السلطة المطلقة العليا "المقدسة" التي لا يسمح بتغييرها ولا حتى بانتقادها ؟ هل كان يمكن أن تقام هناك ديمقراطية؟ مثلا في فرنسا لو قيل لساركوزي - بعد نجاحه في الانتخابات الرئاسية - أن شيراك وأسرته ومستشاريه هم - وبالوراثة - من لهم السلطة المطلقة في التعيين في وزارات الدفاع والداخلية ...الخ.
فعوض أن نناقش قشور المشاكل - كما يراد منا الآن- لابد لنا، للخروج من
الوضع المتفجر الراهن، من التطرق للأسباب الجوهرية وراء الحالة المخجلة
التي نعاني منها الآن. إن التغيير الشكلي الوحيد الذي حصل في فترة محمد
السادس، مقارنة بفترة أبيه، هو أنه أصبح للمستشارين وللمنفذين نفوذا
أكبر اليوم بحيث أصبحنا لا نعرف بوجه التحديد من الذي يتخذ القرارات
فعليا خارجيا وداخليا، ومن الذي يكتب الخطب ويحدد سياسة المخزن، أي
أننا لا نعرف بالضبط من الذي يحكم باسم رئيس الدولة. * سبق لك أن كتبت رسالة إلى محمد السادس ما هي مضامينها ولماذا إلى محمد السادس؟ لقد كتبت إليه تلك الرسالة بعد توليه الحكم (وهي منشورة كاملة في موقعي الالكتروني الشخصي) محاولة مني لإسداء النصيحة، وملخص ما قلت فيها هو: إن في مقدمة مفاهيم ومعايير الدول الحية المحترمة، أن يكون نظام الحكم فيها مبنيا على المشروعية لا على القوة، وأن يكون استقرارها راسيا على قـوة القانون لا على قانون الـقـوة والقهر، وأن يكون دستورها مصاغا من القيم الروحية الثابتة للأمة، وأن تكوّن عـزتها مستمدة من عزة مواطنيها، لا مـن مظاهر العبودية البالية كـتـقـبـيـل الأيدي والركوع لغير الله وممارسة النفاق... إن عـظمة القادة والزعماء لا تـقـاس ولاسيما في هذا العصر بعظمة قصورهم ولا بعدد عبيدهم، ولا حتى بأحجام دولهم أو ثرواتهم، ولكنها تقاس بعظمة إنجازاتهم في خدمة شعوبهم، وبمدى قدرتهم على صنع التحولات وخلق المبادرات الإيجابية، ترجمة لأشواق شعوبهم، ومواكبة لإيقاع التطور... قانون الله الأزلي، والتزاما بقيم العصر الذي ينتمون له. أناشدكم عبر هذا الخطاب بألا تدعوا هذه المناسبة السانحة تـفـلت كما فـلـت غيرها وضاع هدرا من قبل، وأن تـغـتـنمـوا المناخات المواتية داخليا وخارجيا، للقيام بتغيير جذري يتجاوز الشكليات والمظاهر، وينفذ إلى صميم الأوضاع والهياكل والمؤسسات والـبـنـيـات الاجتماعية والإدارية والاقتصادية والسياسية، بما يـحـقـق لشعبنا طموحاته الإنسانية والوطنية المشروعة للارتقاء إلى سدة المجد على أسمى معارجه، معراج الـتغـيـيـرات والإنجازات والأهداف التاريخية الكبيرة التي ظل معظمها موقوفا ومعطلا منذ فجر الاستقلال، وظلت طلائع جماهيرنا تضحي من أجل بلوغها بلا يأس. لذلك فلابد من تصويبها وتطويرها وتعميقها. إني أعتقد أنه رغم أنكم غير مسؤولين شخصيا عن تركة الماضي الثـقـيلة، ولا تتحملون مسؤولية الأوضاع المعقدة الموروثة، فإنكم ستكونون بحكم طبائع الأمور مسؤولين عن التقصير في التصدي لها، وستكونون مسؤولين أمام التاريخ والأمة عن أي تباطؤ أو تقصير في العمل على إنقاذ الوطن. إن مهمات الإصلاح التي ألقـتها الأقـدار على كاهلكم، وينتظرها المغاربة منكم في هذه البرهة التاريخية، يمكن تحديدها بأربع مهام هي: الأولى: تحديث الشرعية: إن شرعية الحكم في أي بلد ليست مطلقة ولا أبدية ولا وراثية، ولكنها بحاجة لتجديد مستمر في ضوء التطور والحاجة. وبالنسبة للمغرب، وإن هي اليوم تسـتـنـد إلى مرجـعـيات أجنبية ويهودية ومعطيات الأمر الواقع وقانون الغاب لكنها من المنظور الإسلامي مشروطة بالوفاء بالالتزام بثوابت الأمة الدينية ووظائفها الاجتماعية بما في ذلك توفر عنصر تمثيلية إرادة الأمة والشورة والرضائية بين الحاكم والشعب ومرتبطة بمبدأ التأييد الشعبي الذي يعتبر ترجمة معاصرة للرضائية من خلال الانتخابات الحرة المباشرة. وفي إطار القواعد التي تحدد شرعية الحكومات في هذا العصر فليس بإمكاننا تجاهل التمثيلية والرضائية إتكاءًا على مبدأ أصبح الغموض يكتنف مبناه ومعناه على حد سواء. إن نظام الحكم في بلادنا مدعو لتحديث ذاته وتجديد عقود شراكته الشعبية، اتساقا مع روح العصر وروح الإسلام في آن واحد. الثانية: إن الوضع الاجتماعي في المغرب كما لا يخفى عليكم، يعد الأسوأ على مستوى المنطقة والعالم العربي وربما أوسع من ذلك، وهو الأزمة الأخطر في بلادنا نظرا لارتفاع معدلات البطالة، وتـفـشـي الأمية واتساع الفجوة بين الـقـلـة الـغـنـيـة والأغلبية الـفـقـيـرة. وكأنه لا يـكـفـي ما يولده الفقر من رزايا وبلايا، حتى جاءنا الفساد الإداري والسياسي بالكثير من أشكال الفساد وألوانه، إلى درجة أنه أضحى سرطانا خبيثا يـفـتـك بـمجـتـمعـنا، ويهدد أركانه وأركان الدولة ما لم تـتـدخـل إرادة الإصلاح بـسـرعـة وحـزم وحسـم لمعالجة الوضع. والواقع أن الأزمات الاجتماعية باتت أولوية الأولويات، لأنه في كـنـفها لم يـعـد ثمة فـائـدة تـرتجى من أي إجراءات ديمقراطية، أو محاولات لتوسيع المشاركة الشعبية وتـفـعـيل المجتمع المدني. ولذلك فلا بد من البدء بإصلاح هذه الأوضاع، إصلاحا جذريا ينحو منحى الـثـورة لتغيير الخريطة الاجتماعية وتعديل تضاريسها وتشكيلاتها، وتقليص الفجوة الطبقية، ومكافحة الفساد، وإعادة بناء الأواصر التي تربط بين المواطن وبلده وبين الحاكم والمحكوم، وبين الإدارة والمجتمع، وبين الفئات الاجتماعية بعضها بعضا... كل ذلك قبل إجراء أي انـتخابات، أو إصدار تشريعات جديدة لتنظيم الممارسات والأنشطة النقابية والبلدية والمحلية والحزبية والديمقراطية... الخ. لقد أدت الرزايا السابقة لتحويل الشعب المغربي إلى أسراب من المهاجرين، وأمواج من اللاجئين الباحثين عن أي بلد آخر ليعيشوا فيه مـتخـــليـن عن جـذورهم وانتمائهم في وطنهم الأصلي. ولا يعقل أن تصبح صورة الشباب المغربي الذي يشكل ثلاثة أرباع إجمالي سكانه على ذلـك الـنحو. الثالثة: الإصلاح السياسي. إن النظام السياسي المغربي بحاجة ماسة، لإعادة هيكلة وبناء على أسس ثوابتنا الدينية الراسخة تأهيلا له لمواكبة التطورات العالمية العصرية في هذا المضمار بالتحديد. والتحدي الذي يواجهكم يتمـثـل في الـقـدرة على إبداء المرونة والانفتاح واكتساب الـقـيـم العـصرية الخيرة من الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى الشفافية وترسيخ منهج التعددية السياسية وتداول السلطة وتفعيل المشاركة وتوطيد مقومات ومكونات المجتمع المدني. وإنني لواثـق تمام الـثقـة بأهـلـيـة شـعـبـنا المغربي ليس لاستقبال هذه الإصلاحات وحسب، ولكن بجدارته بها وحقه الطبيعي فيها، وبمقدرته على التفاعل الخلاق معها ومع مسـتـتـبعاتها. الرابعة: إني أؤمن أن لبلدنا العزيز دورا إسلاميا وعربيا وإفريقيا وعالميا رائدا وعليه مسؤوليات جسام تـنـبع من أهـلـيـتـه وجدارته وإمكانياته وتاريخه الناصع في تلك الدوائر. ولكن هذا الدور يظل قاصرا بسبب تلك الأزمات وعوامل الانحطاط والضعف التي تعتري المغرب دولة ونظاما ومجتمعا. بيد أن معالجتها وإصلاحها وتوفير شروط التحديث بمقدورها أن تمنح المغرب منزلة عالية على المصاف الدولي وتؤهله لدور أكبر وأعظم مما عليه الآن، يليق به. إذ لا يمكن لنا جميعا أن نقف مـتـفـرجـيـن أو حتى أن نكون لاعـبـيـن ثانويين إزاء التحديات والاستحقاقات التاريخية الحاسمة التي تمر بها أمتنا الإسلامية والعربية حاليا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. بل لا بد من دور فاعل ومباشر في الدفاع عن الحقوق المقدسة لأمتنا، انتصارا لمبادئ الحق، وانحيازا واعيا لجانب الأشقاء، وتحقيقا لوحدة أمتنا وكرامتها ونهضتها الشاملة.
أتضرع إلى الله أن يمن عليكم بالهداية لتحمل
المسؤوليات التي ألقتها الأقدار على كاهلكم، لأن عدم النهوض بها على
الوجه المرجو ينطوي على مخاطر لا حدود لها، لأن
الخيـبـات والإحباطات التي لابد أن تنجم عن فقدان الجماهير الأمل
بالتغيير والإصلاح الجذري المنشود من أجل حياة أكرم ومستقبل أفضل قد
تـفجر مكامن الغضب وتدفع البلاد إلى دوامة العنف التي رأينا نماذج لها
في الكثير من البلدان القريبة والبعيدة. واشهد الله على أنني لا أرجو،
من توجيه هذا الخطاب إليكم، جاها ولا أتوسل مغنما، ولا أبتغي مما جاء
فيه غير مرضاة الله ثم مصلحة الوطن الحبيب ومصلحة شعبنا الذي عانى
الكثير من عسف الإدارة الحكومية الفاسدة. * البعض يرى أنكم أفقير جديد، وتختلفون معه في وسائل الانقلاب، فهو اختار الآلة العسكرية وأنتم اخترتم القلم؟
أنا أفضل أن أسمي حدثي الصخيرات 1971 و 16 غشت 1972
بـ"انتفاضة" أبناء شعبنا في قواته المسلحة. عندما يعاد كتابة
تاريخ المغرب بصورة موضوعية وغير مخزنية أو إستعمارية، سيعاد الإعتبار
إلى شهدائنا العظام: أعبابو، أمقران، كويرة، وأفقير، وغيرهم من الجنود
المجهولين في كفاح شعبنا الطويل من أجل الحرية والكرامة. ما يسمى اليوم
بعهد الرصاص لم يكن لا عهد أفقير ولا عهد كديرة ولا عهد البصري بل كان
بكل بساطة عهد" الحسن الثاني" الذي لا يزال قائما بأشكال أخرى. وعهدنا
الحاضر ليس عهد عالي الهمة بل هو أيضا عهد الحسن الثاني تحت وصاية
أزولاي إلى أن يبلغ الوضع التحكم المطلق بلا قناع. أما عن الفرق بين
الآلة العسكرية والقلم، فهو الفرق بين الفكر والعمل، بين الفكر
والأداة، وكما يقول الشاعر " الرأي قبل شجاعة الشجعان". فما قيمة الفكر
بدون عمل، وما قيمة عمل بدون فكر؟ إنهما عاملان متكاملان. أنا من أقنع
أوفقير، بعد تعارفنا، بالانقلاب على الحسن الثاني. زوجة أفقير نفسها
إعترفت في كتابها بأن أحمد رامي كان وراء تغيير أفكار وقناعات زوجها.
الأمازيغي البطل الشهيد أفقير أعتبره في نفس مرتبة الشهيد الأمازيغي
شيخ العرب. وهما ضحيتا نفس النظام الذي يخلق الصراعات الزائفة بين
أبطال القضية الواحدة، وسيصنفهما التاريخ مستقبلا. كما أن أغلب "أبطال"
النظام المغربي الحالي سيرمون في مزبلة التاريخ عندما تتاح للمغاربة أن
يكتبوا تاريخ بلدهم وشعبهم ومقاومتهم وكفاحهم بأنفسهم. * هناك من يقول أن انقلاب أوفقير كان انقلاب الأمازيغ على العرش؟
إن الشعب المغربي يتكون، في أغلبيته الساحقة، من الأمازيغ. والجيش
المغربي صورة مصغرة من المجتمع المغربي ومن الشعب المغربي. فأكثر من 90
بالمائة من جنوده وضباطه وضباط صفه من الأمازيغ. وهذا ما ينعكس تماما
على العناصر التي صنعت إنقلابي الصخيرات و16 غشت. لكن الوثائق الفكرية
التي كانت الأرضية الإيديولوجية للضباط الأحرار في ذلك الوقت كانت
أساسا فلسفة "الثورة" لجمال عبد الناصر و"الميثاق" لعبد الناصر و"معالم
في الطريق" لسيد قطب. أي أن ثورة عبد الناصر كانت هي القدوة والنموذج
لمشروع الإطاحة بالحكم في المغرب. وكانت كتابات سيد قطب أداة لمقاومة
الغزو الفكري الماركسي اليهودي لمجتمعنا. عندما سيكشف في المستقبل عن
الوثائق التي إستولى عليها النظام في بيت أفقير وفي بيتي، سيكشف على أن
كل الوثائق الفكرية والبيانات التي كانت ستذاع بعد نجاح الإنقلاب كانت
كلها ناصرية وإسلامية. أمي وأبي -وأنا كطفل في الخمسينيات من القرن
الماضي- لم نكن نتكلم أو نقرأ العربية، ولكن صورة عبد الناصر هي التي
كانت تزين بيتنا في تافروات بسوس. ثورة عبد الناصر، التي أطاحت
بالملكية في مصر، هي التي أعطتنا الأمل في إمكانيات التغيير وهزيمة
الاستعمار وعملائه في الداخل وحركت عندنا حافز الثورة. * إذن أنت أمازيغي؟
نعم أنا أمازيغي من قبيلة تاهالا، دوار "أيتمار"، بتافراوت، بسوس،
بجبال الأطلس الصغير. لكن – بعد الاحتلال الاستعماري لمناطقنا-
أغلبية سكان سوس هاجروا خصوصا إلى الدار البيضاء وكذلك إلى
مراكش، إلى طنجة أو إلى فاس وتازة إلخ...
عندما ألتقي بأمازيغي آخر من الريف أو الأطلس المتوسط أو من
الأطلس الكبير لا أفهم لهجاتهم المحلية وتصبح العربية لغتنا المشتركة
لغة القران ولغة حضارتنا ولغتنا المغربية المشتركة. وأنا لا أريد أن
أتقوقع في إطار العائلة أو الدوار أو القبيلة أو العنصرية والعرقية
الضيقة، وأحلم بوحدة عربية أو إسلامية كما يحلم الأوربي بالوحدة
الأوربية. ولكن لابد أولا من بناء مغرب موحد قوي ثقافيا واقتصاديا
واجتماعيا حيث الهوية مبنية على المواطنة لا على العرق. * هل مازال الأمازيغ يمثلون العمود الفقري للجيش المغربي؟
نعم لا يزال الأمازيغ يمثلون العمود الفقري في الجيش المغربي، لكن بعد
المحاولات الانقلابية - في الصخيرات و16 غشت - لم يعد القصر يثق في
الأمازيغ. وبعد محاولة الدليمي لم يعد يثـق أيضا في العرب. فلم يبقى له
سوى العناصر ذات الأصل اليهودي من الأقلية الفاسية لكن هذه العناصر في
أغلبها فاسدة ويغلب عليها الجشع التجاري، وتكديس الأموال وتهريبها
لحسابات سرية في الخارج تحسبا للمستقبل. عندما كنت أنا في الجيش كانت
هذه العناصر موجودة أيضا هناك كأقلية صغيرة جدا لكن خصوصا في المناصب
المالية. فكان المسؤول مثلا عن التموين والحسابات في سلاح المذرعات هو
الكمندان بن شقرون وكان المسؤول الحقيقي في إنفاق ميزانية وزارة الدفاع
هو اليهودي الكمندان بنهروش. ولكن بعد محاولة الصخيرات و16غشت ترقت هذه
العناصر إلى مناصب قيادية عليا وأصبح الجنرال بناني مثلا في موقعه
القيادي الحالي. عندما كان أفقير يسمع كل هذه الأسماء، كان يسألني "واش
حنا في الجيش ولا في القيسارية؟"! في الجيش أيضا -كما هو الحال في عامة
المغرب- أصبح هناك الآن أغلبية فقيرة من المغاربة وأقلية من اللصوص
يلتفون حول الحكم الفردي الذي لم يعد له للإعتماد عليه في سبيل البقاء
سوى أقلية من الأقلية الفاسية واليهودية ومن كبار اللصوص. والحكومة
الحالية مكونة من عناصر أغلبها قادمة من هذه الشبكات العائلية الفاسية
الطفيلية التي احتكرت وتوارثت الحكم والسلطة والثروة في بلادنا. * كيف تنظرون إلى القضية الأمازيغية؟
الأمازيغ في المغرب ليسوا أقلية. إذا كان الأمازيغ في ليبيا وتونس
والجزائر أقليات فإن الشعب المغربي كله أمازيغي. وبالتالي فقضيتنا هي
في جوهرها قضية تطبيق الديمقراطية السليمة وبانتخابات حرة وغير مزورة
كما يجري الآن. والديمقراطية هي حكم الأغلبية مع احترام حقوق الأقليات.
وهذا ينطبق على باقي بلدان المغرب العربي الإسلامي. ومن الذكاء
والكياسة والمنطق أن نطرح القضية بهذا الشكل الصحيح. ولا يصح إلا
الصحيح. ينبغي أن نبني مغرب المستقبل على أساس المواطنة المبنية على
هوية ثقافية مشتركة تتكون من عناصر مشتركة وموحدة يمكن أن يجتمع حولها
كل المواطنين المغاربة: وهي الدين الإسلامي كهوية واللغة العربية كلغة
رسمية، لغة القران التي ستكون أيضا أداة للتواصل والوحدة مع باقي
العالم الإسلامي والعربي الذي نحن جزء لا يتجزأ منه. ما تقترحون حتى يحقق الأمازيغ مطالبهم المشروعة؟
لنتفق أولا على أن مشكلتنا الأساسية والجوهرية هي غياب الحريات العامة
من حرية التعبير والتنظيم الحر، وحرية تقرير المصير وحرية اختيار نظام
الحكم الذي نريده وغياب سلطة الشعب في محاسبة الحكام ومراقبتهم
وتغييرهم عند الحاجة. لأنه قبل كل معالجة، لابد من تشخيص سليم لما
يعاني منه المغرب، تم البحث عن العلاج المناسب بعد ذلك، في رأيي العلاج
الوحيد والممكن والضروري هو إقامة ديمقراطية حقيقية و سليمة. حول هذا
الهدف سيمكن من جمع أكبر عدد ممكن من المغاربة. والديمقراطية ليست
محتوى إيديولوجي بل هي منهج أو قوانين لعبة يحددها دستور يضعه مجلس
تأسيسي منتخب إنتخابا حرا. أما محتوى ومضمون النظام السياسي والحكومي،
والسياسات المستقبلية، فسيبقى اختصاصات صياغتها واقتراحها على الشعب
والبرلمان للتصويت عليه بعد مناقشتها والحكومات المنتخبة. إن غياب
الديمقراطية حاليا في بلدنا يخلق فراغا يسمح لكل من هب ودب أن يتكلم
زورا باسم الأمازيغ. ما هي وجهة نظركم بخصوص مشكل الصحراء؟ مشكلة الجزائر بدورها هي أنها تحكم من طرف عصابة من المخابرات واللصوص المتاجرين بمصائر ومقادير وثروات الشعب الجزائري. مخابرات الجزائر هي التي جندت وسلحت عصابات المرتزقة التي تسمى بالبوليساريو للتآمر على وحدتنا الترابية. ومصيرالبوليزاريو مرتبط أساسا بمصير النظام الجزائري الحالي. وأعتقد أن "مشكل الصحراء" لن ينتهي مادام النظام الغبي الحالي قائما في الجزائر.
ومن جانب المغرب فالمخزن والمخابرات المغربية هم من يستفيد أيضا من
المشكل بإشغال واستنزاف وإلهاء جيش وثروات المغرب في إستراتيجية أكثر
غباء. ومفاوضات نيويورك الأخيرة ليست سواء لقاءات بين المخابرات
الجزائرية والمخابرات المغربية لتضييع المزيد من الوقت والأموال لفائدة
لصوص هاذين الجهازين وللمشاركة في مخططات يهودية تهدف إلى إقامة قواعد
أمريكية في المغرب. * هل تفكر في العودة إلى المغرب؟ إذا كان الأمر كذلك هل هناك من شروط مسبقة لهذه العودة؟ بصفتي "عسكري" بالإضافة إلى مشاركتي في محاولتي الصخيرات و16 غشت واستمراري في المقاومة الإعلامية، لي وضعية "خاصة" جدا. فأنا الضابط الوحيد الذي شارك في تحضير وتنفيذ المحاولتين العسكريتين، الذي لايزال على قيد الحياة، ولايزال صامدا على المقاومة. إن مجرد وجودي على قيد الحياة يعتبر "استفزازا" للحكم في المغرب وإحراجا كبير لمن يسيطرون ويخنقون حرية الشعب المغربي.
السؤال هو متى ستعود الحرية والكرامة إلى المغرب؟ كم من المغاربة اليوم
يتمنون الهروب من المغرب حتى "بالحريك"؟ ولماذا؟ متى سيعود المغرب
للمغاربة؟ إن محنتي في المنفى هي محنة المغرب كله. هي محنة الحرية
والكرامة والعدالة المنفية. ويوم تعود العدالة والحرية لبلدي سأعود
معها! وأتساءل كيف يدعي البعض المطالبة بالديمقراطية والعدالة والحرية في المغرب ويربط في نفس الوقت علاقة صداقة مع المحتلين والطغاة الذين يبيدون الشعب الفلسطيني، ويحتلون القدس الشريف التي هي مدينة مقدسة بالنسبة للعالم الإسلامي كله الذي نحن جزء لا يتجزا منه. إن العلاقات الوقحة والغريبة التي تربطها بعض العناصر المشبوهة والمريضة فكريا - كأحمد الدغرني في المغرب مثلا - مع العدو الصهيوني المحتل لفلسطين يجب أن تعامل كخيانة، وأن تعاقب كجريمة وكخيانة عظمى، لأنها تشارك في مؤامرة كبرى واضحة هدفها تمزيق وحدة شعوبنا وتحقيق خطة العدو،"فرق تسد"، لإعاقة البناء السوي لجبهة موحدة للمقاومة قادرة على مواجهة الأعداء الصهاينة وعملائهم الطغاة في الداخل. ولا ينبغي أن نعامل جريمة الخيانة وكأنها "وجهة نظر"، بل ينبغي أن تفعل القوانين لقائمة التي تجرم الخيانة العظمى. |
علمت "الحياة" أن مصطفى المعتصم، الأمين العام لحزب
"البديل الحضاري"، المنحل، والمعتقل في إطار قضية بلعيرج، كان قد عرض
على أحمد رامي، ضابط بسلاح المدرعات بالجيش المغربي خلال المحاولة
الانقلابية التي قادها الجنرال أوفقير، والوحيد من الانقلابيين الذي
أفلت، (عرض عليه)، خلال لقاء جمع بينهما قبل سنتين، الدخول إلى المغرب
والانضمام إلى حزب "البديل الحضاري"، وحاول أن يقنعه بأن البلاد بدأت
تعيش وضعا سياسيا جديدا مع مجيء الملك محمد السادس. اتصلت "الحياة"
بأحمد رامي، المقيم بالسويد، لتتأكد من ذلك، فكان هذا الاستجواب الذي
قال فيه إن المعتصم كان متطرفا في تفاؤله، وأن ما حدث له يؤكد على أنه
كان على خطأ. ويكشف رامي، في هذا الاستجواب، أنه التقى أيضا بقياديين
إسلاميين من حزب العدالة والتنمية وجماعة العدل والإحسان. كما يكشف
أسرارا جرت خلال لقاءات له مع عبد الرحمان اليوسفي قبيل تعيينه وزيرا
أول، قبل عشر سنوات. - هل فعلا سبق أن التقيت مع مصطفى المعتصم، الأمين العام لحزب البديل الحضاري المعتقل حاليا، في إطار قضية بلعيرج؟ - نعم هذا صحيح. وقد حدث ذلك سنة 2006، إذ إلتقيته في العاصمة الإيرانية طهران على هامش أحد المؤتمرات الإسلامية لنصرة المقاومة الفلسطينية. ولم ألتقيه لوحده، بل التقيت كذلك هناك بمصطفى الرميد وفتح الله أرسلان وخالد السفياني وأعضاء من حزب الاستقلال، كانوا مشاركين في المؤتمر - وهل صحيح أن المعتصم اقترح عليك الدخول إلى المغرب؟ - أجل، بل أكثر من ذلك اقترح علي الانضمام إلى حزب البديل الحضاري. وقال لي إن هناك إمكانيات للعمل السياسي الديمقراطي في ظل حكم محمد السادس. - وكيف كان ردك؟ - لم أكن متفائلا، مثلما كان عليه المعتصم. وقلت له إن النظام ليس صادقا في نواياه، وأنه يناور فقط لشراء وتدجين الناس والمعارضة. كما قلت له إن بداية عهد محمد السادس تشبه بداية عهد الحسن الثاني، حيث يريد فقط إرساء قواعد حكمه وإظهار تعلق شكلي بالديمقراطية. فالحسن الثاني كان بدوره، في البداية، يبدي ظاهريا إعجابه بالديمقراطية الإنجليزية. لكنه في ما بعد قام بإرساء أشنع ديكتاتورية في العالم العربي والإسلامي. ولذلك لم أكن متفائلا حين ناقشته في العرض الذي قدمه إلي. - وماذا كان رد المعتصم؟ - كان متفائلا جدا بخصوص العمل السياسي بالمغرب، ويعتقد أن هناك إمكانية لإرساء الديمقراطية في عهد محمد السادس. وقال لي إن هناك إرادة لدى الملك من أتجل التغيير وأنه شرع في ذلك عبر عدة واجهات، وأن عهد مطاردة وقمع وتعذيب المعارضين قد انتهى. - ألم يحاول معك مرة أخرى من أجل إقناعك؟ - عند عودته إلى المغرب استمر في مراسلتي، وكان يركز جدا على أهمية العمل الديمقراطي الآن وضرورة نبذ استعمال العنف والعمل السري. وأبدى إعجابه بمحتوى الرسالة التي وجهتها إلى محمد السادس، وقال لي إنها تتضمن أفكارا جيدة ويمكن أن تشكل منطلقا فكريا للعمل الديمقراطي في المغرب. لكني كنت أرد عليه بان كل ذلك مجرد حلم وأن النظام المخزني لم يتغير ولن يتغير بمحض إرادته، لأن أي تغيير لا يمكن أن يتم بدون مجتمع مدني قوي ومقاومة مدنية سياسية متينة وناضجة، حتى وإن اقتضى الأمر اللجوء إلى عصيان مدني ولكن بدون عنف. - وما هي الضمانات التي كان يقدمها لك من أجل الدخول إلى المغرب والانضمام إلى حزبه؟ - قال لي إن الرأي العام ومناضلي الحزب مستعدون للدفاع علي. وكان هذا دليلا على "تطرفه" في التفاؤل والثقة في النظام، وأنا أيضا كنت مثله في بداية عهد الحسن الثاني عندما كنت عضوا في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ولكن بعدما اعتقلت وعذبت، خلال انتفاضة الدار البيضاء لعام 1965، قررت أن أدخل إلى الجيش، قائلا لنفسي، إذا كنت لا أستطيع مواجهة الدبابة في الشارع فإنني أستطيع أن أقودها. - وكيف تلقيت خبر اعتقاله؟ - استغربت كثيرا لما تعرض له الأخ مصطفى المعتصم من اعتقال وإهانة وبنفس أساليب العهد السابق، وتأكدت بأنني كنت على صواب، وأن النظام المخزني المغربي لم يتغير. وأنا متأكد بأن كافة الاتهامات التي وجهت للمعتصم مفبركة، وهي نفسها التي كانت توجه وتلفق للمعارضة في عهد الحسن الثاني. وتأكد الانتقاد الذي وجهته للأخ المعتصم، حيث كان متفائلا، بشكل مبالغ فيه، في اعتقاده بأن التغيير – في مواجهة نظام غير ديمقراطي – لا يمكن أن يتم إلا بوسائل الديمقراطية. - قلت إنك التقيت مع قياديين من العدالة والتنمية والعدل والإحسان، كيف كان اللقاء معهم؟ - كان اللقاء وديا. - ألم تتلق دعوة من طرفهم للدخول إلى المغرب؟ - لا - ألم تتلق عروضا من جهات رسمية؟ - أتذكر أيضا أنه، وفي كواليس نفس المؤتمر، كان هناك دبلوماسيون من سفارة المغرب في طهران حاضرون، وأمام الوفود المغربية، قدموا أنفسهم إلي وسلموا علي بحرارة، وعرضوا علي أيضا – باسم "صاحب الجلالة"- الدخول فورا إلى المغرب "العهد الجديد". وكان جوابي لهم: "أتقصدون الدخول إلى السجن الجديد؟" وكانت هناك اتصالات في أواخر التسعينيات قبل وفاة الحسن الثاني، حيث بعث الملك الراحل وفدا، كان على رأسه جنرال بالديوان العسكري للحسن الثاني. واقترح علي الدخول إلى المغرب وتولي أي منصب أطلبه وقال لي بالحرف الواحد: "بغيناك تدخل تخدم مع سيدنا" ... وأن هناك تغييرات ستحصل بالمغرب... - وماذا كان ردك؟ - لم أثق فيهم، وأجبتهم صراحة بأنه ليست هناك ضمانات لما يقولونه. فكن جوابهم أن هناك إمكانية لتعييني سفيرا إذا كنت مترددا في الدخول إلى المغرب. لم يكونوا صادقين في نواياهم، وكنت متيقنا ومشمئزا من هذه الأساليب الشيطانية التي استعملت مع الكثيرين، وبعد موت الحسن الثاني، بعث إلى بوفد من المقربين لمحمد السادس، وكان من ضمنهم مستشار مقرب له، وعرضوا علي الدخول إلى المغرب، وناقشوا معي حتى تفاصيل العودة بما فيها استقبالي من طرف الملك و "طقوس" السلام عليه. وكان جوابي الرفض أيضا. واعتبرت العرض الذي قدموه إلى إهانة لي. - ألم يتم الاتصال بك من قبل أعضاء "السلفية الجهادية"؟ - لا أبدا. كانت لي اتصالات مع عبد الكريم مطيع فقط وكان قد عرض علي أيضا الانضمام إلى "الشبيبة الإسلامية" ، لكنني رفضت، فانا إسلامي مستقل، و أدعوا إلى الوحدة بين كافة الحركات الإسلامية أو على الأقل إلى تكوين جبهة إسلامية عريضة. - ألم تلتق بإدريس البصري بعدما غادرت المغرب؟ - لم ألتق به أبدا، لكن التقيت بعبد الرحمان اليوسفي قبل تعيينه، وزيرا أول، حيث زارني في السويد وأقام بمنزلي ثلاثة أيام، وكان قد اتصل بي من فرنسا عبر الهاتف قبل مجيئه وأخبرني بأنه يريد أن يزورني، ورحبت به، والتقيت به مرة أخرى في السويد، لكنه نزل بالفندق، وسبق لي قبل ذلك أن زرته في بيته بمدينة "كان" بفرنسا في أوائل التسعينات، حيث استقبلني بمنزله صحبة زوجته. - وكيف كان اللقاء معه؟ - كان اللقاء وديا جدا، فأنا أعرف عبد الرحمان اليوسفي والفقيه البصري منذ سنتين، لدي شعور بأن بعض السياسيين المغاربة، وليس اليوسفي وحده، يظنون أنه ما زالت لدي علاقات داخل الجيش المغربي وأنني ما زلت أمثل قوة معينة داخل الجيش، وبالتالي يريدون التقرب منها. - وهل صحيح أنه ما زالت لك علاقات داخل الجيش؟ - يمكن القول إن الأفكار التي أعبر عنها يتقاطع معي فيها مجموعة من أفراد الجيش والرأي العام المغربي عامة، وهي نفس الأفكار التي تدافع عنها الصحافة المستقلة وبعض التنظيمات السياسية. - علاقتك باليوسفي قديمة إذن؟ - علاقتي باليوسفي تعود إلى أواسط السبعينات بعد خروجي من المغرب، كما كنت ألتفي كذلك الراحل الفقيه البصري وعدد من مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، كنت أقول لليوسفي: إن المغرب مريض بسرطان المخزن الذي يخاف من الحرية ومن التداول السلمي للسلطة، لأنه مقتنع بأن تطبيق الديمقراطية السليمة سيكون معناه سقوط نظامه ومحاكمة أركانه على جرائمهم، وخلال نقاشاتي مع اليوسفي، قبل تعيينه وزيرا أول، فهمت منه أنه إذا استطاع الجيش القيام بعمل ما، فإن جميع المغاربة سيكونون متفقين معه وسينضمون إليه تلقائيا. - ولكن كيف يمكن أن يفكر وهو كان يستعد للدخول إلى الحكومة؟ - لم يقل ذلك مباشرة، فخلال النقاش بيننا، قال لي: "وتفضلوا أسيدي عملوا شي حاجة". وقال ما معناه، أنه "إذا حضر الماء غاب التيمم"، أي أنه يعتبر كل العمل السياسي "الديمقراطي" الذي يقوم به عبارة عن تيمم في انتظار "حضور" التغيير الحقيقي، أما عن المخزن، فمهما حاولنا إصلاحه فإن الطبع يغلب دائما على التطبع. - ألم يقترح عليك اليوسفي العودة إلى المغرب؟ - لم يقترح علي ذلك خلال لقاءاتي به، ولكن كنا نناقش في قضايا المغرب، وفي لقاء به بالسويد، قال: "إن الحسن الثاني يناور وأنا أيضا سأناور"، لقد كان اليوسفي أكثر "واقعية" من مصطفى المعتصم. - وماذا فهمت من هذا الكلام؟ - حسب الكلام الذي سمعته من اليوسفي، يظهر أنه كان يريد أن يناور، سيرا على نهج المثل الانتهازي: "قبل اليد التي لا تستطيع قطعها" (اليد اللي ما تقدرش تقطعها بوسها). كان يعتقد أنه يمكن أن يغير النظام من الداخل، ولكن في الحقيقة هو الذي غيره النظام من الداخل. والمعتصم كان يعتقد حقيقة أن النظام تغير فعلا وأصبح "ديمقراطيا". كان أكثر تفاؤلا من اليوسفي. وأنا لو كنت مكان محمد السادس لأطلقت سراح المعتصم فورا. عن جريدة " الحياة " العدد 17 (20 – 26 يونيو 2008) |
الدكتاتورية والاستبداد
مقابلة
مع أحمد رامي
نشرتها أسبوعية
حوار أجراه: إدريس ولد القابلة
May 15, 2007 _______________________ أجرى المقابلة: إدريس ولد القابلة - رئيس تحرير أسبوعية المشعل المغربية. |
في مقابلة نشرتها أسبوعية
المشعل المغربية وموقع
هسبريس
أحمد رامي
يقول: حاوره إدريس ولد القابلة/ رئيس تحريرأسبوعية المشعل April 27, 2008
في إطار سلسلة الحوارات التي أجريتها مع أحمد رامي، المعارض
المغربي المقيم بالديار السويدية، سبق و أن تطرق في أحدى الحوارات
لموضوع محاولات الانقلاب التي استهدفت الملك الراحل الحسن الثاني،
و ها هو أحدها: كم مرة تعرض الحسن الثاني لمحاولات الاغتيال أو الانقلاب في حياته؟ حسب معلوماتي، والمعلومات التي استقيتها من أفقير والدليمي، لم يتعرض الحسن الثاني لأية محاولة اغتيال من طرف المعارضة المدنية. وتظل محاولتي الصخيرات 1971 و16 غشت 1972 العسكريتين هما الوحيدتان اللتان وصلتا إلى مرحلة التنفيذ العملي. قبل هاتين العمليتين وما بينهما، جرى تحضير سبعة مخططات عسكرية للإطاحة بالنظام لكنها، لأسباب "تقنية"، لم تصل إلى مستوى التنفيذ، ولم يكن الأمر في أية من هذه المخططات أو المحاولات يتعلق بمجرد "اغتيال" الملك، بل كان الهدف المشترك هو الإطاحة بالنظام الملكي وإقامة نظام جمهوري ديمقراطي. أما المؤامرة التي ظلت الدعاية المخزنية تتحدث عنها من حين لآخر لتبرير حملات القمع ضد المعارضة المدنية، من أجل تدجينها وترويضها، فكانت غالبا ما تأتي بناء على "معلومات" مفبركة وخاطئة من الموساد الإسرائيلي الذي كان على علاقة وثيقة برؤوس النظام المخزني، أو بناء على مخططات أمنية مغرضة تهدف إلى إبعاد العناصر المعارضة التي تشكل خطرا على النظام، إما بطردها أو دفعها إلى المنفى أو رميها في السجون وتعيين القريبين من القصر أو الدائرين في فلكه على رأس قيادات الأحزاب المعارضة، بل وفبركة أحزاب أخرى معارضة تسير من طرف القصر.. بتعبير آخر ما كان الحسن الثاني يسميه بالمؤامرة التي ادعى أنها استهدفته كولي للعهد أو كملك من طرف المعارضة المدنية، لم تكن في الحقيقة إلا مؤامرات دبرها الحسن الثاني لقتل المعارضة السياسية والمدنية لاستمرار نظام حكمه على النهج الذي يوافقه. لاحظ، عندما يسود القمع والتنكيل والاستبداد لا يبقى أمام المعارضة إلا اعتماد فلسفة العنف المضاد واستراتيجية "المؤامرات المضادة" وأسلوب الانقلابات لتحقيق ما لم ينفع تحقيقه بالوسائل السلمية الديمقراطية. وقد قيل "أمام المستبد الأوحد، لا يبقى إلا الحل الأوحد الممكن". ففي العقود الأولى من عهد الحسن الثاني سادت سلبيات مميتة نتيجة القمع الهمجي الذي طال كل الأجيال في المجتمع، مما دفع في اتجاه خلق عقلية من التواكل والخوف والاضطراب شملت البلاد بكاملها وحولتها إلى ساحة للطغيان والإذلال والخنوع [الذلقراطية حسب تعبير الدكتور المهدي المنجرة]، وبالتالي يصبح ضابط الجيش "قوة ضاربة" أقوى من أي حزب سياسي، فطبيعة النظام السياسي هي التي تقرر في طبيعة المعارضة التي ستطيح به. أنا شخصيا ولجت سلك الجندية منذ البداية بهدف الإطاحة بالنظام الملكي، وبعد أن ألقي علي القبض عدة مرات لأني حاولت أن أمارس حقي الطبيعي والديمقراطي في المعارضة السياسية، وأتذكر، عندما كنت أستاذا بثانوية محمد الخامس بالدار البيضاء شاركت في تأطير وتنظيم المظاهرات الطلابية في مارس 1965، غداة إعلان حالة الطوارئ ومنع التجول ليلا، ورغم ذلك توجهت ليلا رفقة أحد طلابي – وهو أحمد احرزني صاحب مسؤولية رسمية حاليا – إلى مقر الاتحاد المغربي للشغل لنطلب من المحجوب بن الصديق أن يعلن عن إضراب تضامني مع الحركة الطلابية، وكانت دهشتي كبيرة عند دخولي إلى مكتب المحجوب حوالي الساحة الواحدة ليلا، وكان في مكتبه أجنبيان يتشاور معهما بخصوص كيفية التعاطي مع الوضع المحتقن آنذاك، وهذان الشخصان هما السفير الأمريكي وسيمون ليفي الذي كان يدرس الفلسفة في نفس الثانوية التي كنت أعمل فيها، وأحمد أحرزني شاهد على هذه النازلة. وكان السفير الأمريكي وليفي يعارضان بشدة فكرة إعلان الاتحاد المغربي للشغل عن أي إضراب للتضامن مع الطلبة، بل لقد كانا ضد كل ما قام به الطلبة من أعمال احتجاجية. تساءلت آنذاك ماذا كان السفير الأمريكي وسيمون ليفي اليهوديان يفعلان، في ذلك الوقت المتأخر ليلا وفي ظروف حالة الطوارئ ومنع التجول. وفي اليوم التالي ألقي عليّ القبض وعذبت بوحشية في مركز الشرطة بالدار البيضاء. وفي أكتوبر سنة 1966 التحقت بالأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس بهدف الإطاحة بالنظام الذي يلعب دور قاعدة عسكرية لقوى السيطرة الصهيونية والأجنبية في بلدي. تخرجت من الكلية العسكرية سنة 1968 والتحقت دفعتي بكاملها بمدرسة اهرمومو لتكوين ضباط الصف والتي كان يقودها العقيد أعبابو. وكان الهدف هو أن تشارك كل عناصر دفعتي في مخطط عسكري للإطاحة بالنظام الملكي. وبما أن الحاجة كانت تستوجب تواجدي في سلاح المدرعات، فقد تم تعييني بمقر قيادة هذا السلاح بثكنة مولاي إسماعيل بالرباط، ولذلك غادرت أهرمومو بعد شهر واحد صحبة العقيد أعبابو آنذاك. وكانت أول خطة للإطاحة بالنظام الملكي تقضي بأن يُلقى القبض على الحسن الثاني خلال مناورات عسكرية قرب مدينة تازة، إذ كان مقررا أن يزورها، كما كان مقررا مشاركة مدرسة أهرمومو ضمن هذه المناورات. وفعلا تم الاتفاق على أن تجرى هذه العملية في شهر أكتوبر سنة 1969، سيما أننا لم نكن نتوفر على نظام ومؤسسات كما هو متعارف عليه، وإنما السائد آنذاك هو طغيان حكم فردي ودولة يتملكها شخص واحد، وبالتالي كان الأمر بسيطا في نظر الضباط المخططين للانقلاب على من كانوا يرون فيه "طاغية". وكانت كل عناصر الخطة تستهدف وضع اليد بشكل من الأشكال على القائم على هذا النظام الفردي لإخبار الناس بأنه لم يعد موجودا، وذلك للقضاء على هاجس الخوف الذي أصاب الشعب المغربي بالشلل. غير أن الملك الحسن لم يأت لحضور المناورات العسكرية في آخر لحظة، وهكذا تقرر تأجيل كل شيء في انتظار فرصة أخرى. أما المحاولة الثانية، فهي محاولة الصخيرات المعروفة والتي فشلت. وبعد هذه المحاولة دبرت مخططات أخرى لم يكتب لها النجاح،، منها محاولة 16 غشت لسنة 1972. بعد هذا الفشل قام الضباط الأحرار بالاتصال بالجنرال الدليمي الذي انضم إلى تيار التغيير من أجل حياة أفضل ومغرب جديد حر ومن أجل شعب يتوق للكرامة والعدل والشرف. جرى التحضير لخطط للإطاحة بالملك الحسن الثاني ونظامه، ولكن الموساد والمخابرات الأمريكية قاما بإخبار الملك بسبب تسريب بعض المعلومات، مما أدى إلى تصفية الدليمي جسديا كما هو معروف. سبق لمومن الديوري أن صرح بأن الحسن الثاني تعرض لـ 15 محاولة انقلاب واغتيال، ما رأيك في هذا القول؟ من الممكن أن يكون الأخ مومن الديوري قد قصد كل المؤامرات بما في ذلك تلك التي فبركتها المخابرات المغربية في عهد الحسن الثاني، وكان هو نفسه من بين ضحاياها المشهورين، والتي كان الغرض منها إرهاب المواطنين والمعارضين وتخويفهم من مجال السياسة وعدم الخوض في الشأن العام. هل فكرة قلب النظام ظلت مسيطرة بين صفوف الضباط؟ الجيش عينة من المجتمع المغربي وشكل من أشكال تصوره، فالتيارات والهموم التي تسود المجتمع هي نفسها التي تشغل بال الجيش والضباط على حد سواء. عندما ولجت سلك الجيش وجدت عددا لا يستهان به من العناصر المجاهدة لنفس الأسباب والأهداف التي دفعتني إلى الالتحاق به، آنذاك كان المناخ ناضجا في المجتمع لتقبل أي تغيير إيجابي والسعي إليه من أجل حياة أفضل، وهناك أيضا كل الشروط الموضوعية لانتفاضة جذرية في صفوف ضباط الجيش، لم يكن ينقصها سوى الشروط الذاتية والظرف المناسب. وإذا كانت وظيفة الجيش، في إطار نظام ديمقراطي، هي حماية الوطن من الأخطار الخارجية، ففي النظام الاستبدادي والطغياني تحاول الدكتاتورية الارتباط والتعاون مع القوى الخارجية من أجل أمنها وليس من أجل الأمن القومي، وبالتالي يحاول الطغاة تحويل المؤسسة العسكرية إلى أداة وكلب حراسة للنظام الاستبدادي، مما يورط الجيش تلقائيا في الصراع الداخلي مع الطغيان وضد المعارضة. هكذا يضحى مفروضا على الجيش أن ينحاز ويختار بين خيارين لا ثالث لهما: إما أن يوجد سلاحه ضد الشعب حماية للطغيان، أو يوجهه ضد الطغيان لحماية الشعب. إذ لا يمكن للجيش أن يكون "حياديا" عندما يتعلق الأمر بمصير الشعب والبلد ومستقبل الأمة. يقال إن الحسن الثاني نجا أكثر من مرة من محاولات التسمم، ما قولك في هذا الأمر؟ هناك عدة إشاعات تناسلت بهذا الخصوص في المجتمع، إلا أنه لم تثبت أية محاولة تسميم، وإذا كانت هناك محاولات فقد تم التستر عليها ولم تتسرب عنها معلومات مضبوطة. هل سبق لحكام الجزائر أن فكروا في قلب نظام الحسن الثاني؟ لا أظن ذلك، فحكام المنطقة آنذاك كانوا متحدين ومتضامنين "أمنيا"، لكنهم كانوا يفرضون شكلا من أشكال التشتت والتفرقة بين الشعوب والبلدان، فالأنظمة عملت على نوع واحد من الوحدة، "الوحدة الأمنية" والتنسيق "الأمني"، هذا هو النوع الوحيد من الوحدة الذي نجحت فيه الأنظمة التي ظلت ترغب في التحكم في رقاب الشعوب وتستأسد عليها بقدر ما تركع للأجنبي. ألم يفكر البعثيون (العراق/ سوريا) في قلب النظام المغربي خلال عهد الحسن الثاني؟ في عهد الحسن الثاني لم يكن للبعثيين وجود في المغرب، وكان كل همهم آنذاك هو محاولة استقطاب بعض الطلبة والمثقفين، واقتصر الأمر على إعداد شروط هذا الوجود، وبالتالي لم يكونوا وقتها قد وصلوا بعد إلى طرح إشكالية قلب النظام.
الإخوان المسلمون في ذلك الوقت كانوا يسيرون على نهج ميكافيلي نفاقي وانتهازي كباقي الأحزاب الفاسدة. أما الحركة الإسلامية الحقيقية فقد بدأت مع استشهاد خالد الإسلامبولي وبثورة الخميني وحزب الله في لبنان. وفي هذا الصدد أتذكر كيف كان شيوخ الإخوان المسلمين يطوفون على وحدات الجيش الملكي في المغرب من أجل الدعاية للنظام الملكي وللحسن الثاني، وكيف أن سعيد رمضان نفسه، كان الحسن الثاني يستدعيه إلى المغرب لإلقاء محاضرات على ضباط الجيش لتمجيد ومدح الملك هجاء جمال عبد الناصر.
التقيت بالقذافي مرتين، كما التقيت ببومدين، وشعرت أن الرجلين مصابان بنوع من الهوس.. كان القذافي ولا يزال سجين مخابراته التي نجحت - بالتنسيق مع مخابرات "عربية" أخرى - في عزل الحكام، وإقامة نوع من الوحدة، وحدة المخابرات المغاربية. والمفاوضات التي تجري الآن بين البوليساريو والمغرب، ليست سوى مشاورات بين مخابرات الجزائر ومخابرات المغرب، والتي يوحدها ارتباطها بالمخابرات الأمريكية. فالقذافي يطعم بتقارير مخابراته ويتخذ قراراته بناء عليها، ثم تنفذ بنفس القنوات البوليسية الغبية. فكل ما قيل بصدد تغيير الأنظمة، كان مجرد أحلام ونزوات، والأكيد هو أن العقيد مشغول بشيء واحد الآن بعد إعلانه عن الاستسلام الاستباقي لأمريكا ولإسرائيل، إنه منشغل بالدفاع عن نظامه وتوريثه لابنه.. |
أسمحوا لي أن
أبصق على مجتمعنا
http://abbc.net/rami/ar/al
لماذا رفضت العودة
http://abbc.net/rami/inter
FRENCH |
ENGLISH |